الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: النشر في القراءات العشر ***
تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْكِتَابِ حَدُّ الْوَقْفِ وَأَنَّ لَهُ حَالَتَيْنِ: الْأُولَى مَا يُوقَفُ عَلَيْهِ وَتَقَدَّمَتْ. ثُمَّ الثَّانِيَةُ مَا يُوقَفُ بِهِ، وَهُوَ الْمَقْصُودُ هُنَا فَاعْلَمْ أَنَّ لِلْوَقْفِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَوْجُهًا مُتَعَدِّدَةً وَالْمُسْتَعْمَلُ مِنْهَا عِنْدَ أَئِمَّةِ الْقِرَاءَةِ تِسْعَةٌ، وَهُوَ: السُّكُونُ، وَالرَّوْمُ، وَالْإِشْمَامُ، وَالْإِبْدَالُ، وَالنَّقْلُ، وَالْإِدْغَامُ، وَالْحَذْفُ، وَالْإِثْبَاتُ، وَالْإِلْحَاقُ، فَالْإِلْحَاقُ لِمَا يَلْحَقُ آخِرَ الْكَلِمِ مِنْ هَاءَاتِ السَّكْتِ. وَالْإِثْبَاتُ لِمَا يَثْبُتُ مِنَ الْيَاءَاتِ الْمَحْذُوفَاتِ وَصْلًا وَسَنَذْكُرُ هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ فِي الْبَابِ الْآتِي بَعْدُ. وَالْحَذْفُ لِمَا يُحْذَفُ مِنَ الْيَاءَاتِ الثَّوَابِتِ وَصْلًا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الزَّوَائِدِ. وَالْإِدْغَامُ لِمَا يُدْغَمُ مِنَ الْيَاءَاتِ وَالْوَاوَاتِ فِي الْهَمْزِ بَعْدَ إِبْدَالِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ وَقْفِ حَمْزَةَ. وَالنَّقْلُ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ مِنْ نَقْلِ حَرَكَةِ الْهَمْزَةِ إِلَى السَّاكِنِ قَبْلَهَا وَقْفًا. وَالْبَدَلُ يَكُونُ فِي ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ: أَحَدُهُمَا الِاسْمُ الْمَنْصُوبُ الْمُنَوَّنُ يُوقَفُ عَلَيْهِ بِالْأَلِفِ بَدَلًا مِنَ التَّنْوِينِ، الثَّانِي الِاسْمُ الْمُؤَنَّثُ بِالتَّاءِ فِي الْوَصْلِ يُوقَفُ عَلَيْهِ بِالْهَاءِ بَدَلًا مِنَ التَّاءِ إِذَا كَانَ الِاسْمُ مُفْرَدًا. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ هَاءِ التَّأْنِيثِ فِي الْوَقْفِ، الثَّالِثُ إِبْدَالُ حَرْفِ الْمَدِّ مِنَ الْهَمْزَةِ الْمُتَطَرِّفَةِ بَعْدَ الْحَرَكَةِ، وَبَعْدَ الْأَلِفِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ وَقْفِ حَمْزَةَ أَيْضًا.
وَهَذَا الْبَابُ لَمْ يُقْصَدْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَوْجُهِ السِّتَّةِ، وَإِنَّمَا قَصَدَ فِيهِ بَيَانُ مَا يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ بِالسُّكُونِ وَبِالرَّوْمِ وَبِالْإِشْمَامِ خَاصَّةً. فَأَمَّا السُّكُونُ فَهُوَ الْأَصْلُ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْكَلِمِ الْمُتَحَرِّكَةِ وَصْلًا لِأَنَّ مَعْنَى الْوَقْفِ التَّرْكُ وَالْقَطْعُ مِنْ قَوْلِهِمْ وَقَفْتَ عَنْ كَلَامِ فُلَانٍ. أَيْ تَرَكْتَهُ، وَقَطَعْتَهُ. وَلِأَنَّ الْوَقْفَ أَيْضًا ضِدَ الِابْتِدَاءِ فَكَمَا يَخْتَصُّ الِابْتِدَاءُ بِالْحَرَكَةِ كَذَلِكَ يَخْتَصُّ الْوَقْفُ بِالسُّكُونِ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ تَفْرِيغِ الْحَرْفِ مِنَ الْحَرَكَاتِ الثَّلَاثِ، وَذَلِكَ لُغَةُ أَكْثَرِ الْعَرَبِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ جَمَاعَةٍ مِنَ النُّحَاةِ وَكَثِيرٍ مِنَ الْقُرَّاءِ. وَأَمَّا الرَّوْمُ فَهُوَ عِنْدَ الْقُرَّاءِ عِبَارَةٌ عَنِ النُّطْقِ بِبَعْضِ الْحَرَكَةِ. وَقَالَ: بَعْضُهُمْ هُوَ تَضْعِيفُ الصَّوْتِ بِالْحَرَكَةِ حَتَّى يَذْهَبَ مُعْظَمُهَا، وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ وَاحِدٌ، وَهُوَ عِنْدَ النُّحَاةِ عِبَارَةٌ عَنِ النُّطْقِ بِالْحَرَكَةِ بِصَوْتٍ خَفِيٍّ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي صِحَاحِهِ: رَوْمُ الْحَرَكَةِ الَّذِي ذَكَرَهُ سِيبَوَيْهِ هُوَ حَرَكَةٌ مُخْتَلَسَةٌ مُخْفَاةٌ بِضَرْبٍ مِنَ التَّخْفِيفِ قَالَ: وَهِيَ أَكْثَرُ مِنَ الْإِشْمَامِ لِأَنَّهَا تُسْمَعُ، وَهِيَ بِزِنَةِ الْحَرَكَةِ وَإِنْ كَانَتْ مُخْتَلَسَةً مِثْلَ هَمْزَةِ بَيْنَ بَيْنَ انْتَهَى. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ سَيَأْتِي وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ سَتَظْهَرُ. وَأَمَّا الْإِشْمَامُ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنِ الْإِشَارَةِ إِلَى الْحَرَكَةِ مِنْ غَيْرِ تَصْوِيتٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَنْ تَجْعَلَ شَفَتَيْكَ عَلَى صُورَتِهَا إِذَا لَفَظْتَ بِالضَّمَّةِ. وَكِلَاهُمَا وَاحِدٌ، وَلَا تَكُونُ الْإِشَارَةُ إِلَّا بَعْدَ سُكُونِ الْحَرْفِ. وَهَذَا مِمَّا لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ نَعَمْ حُكِيَ عَنِ الْكُوفِيِّينَ أَنَّهُمْ يُسَمَّوْنَ الْإِشْمَامَ رَوْمًا وَالرَّوْمُ إِشْمَامًا؛ قَالَ مَكِّيٌّ: وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْكِسَائِيِّ الْإِشْمَامُ فِي الْمَخْفُوضِ. قَالَ: وَأَرَاهُ يُرِيدُ بِهِ الرَوْمَ لِأَنَّ الْكُوفِيِّينَ يَجْعَلُونَ مَا سَمَّيْنَاهُ رَوْمًا إِشْمَامًا وَمَا سَمَّيْنَاهُ إِشْمَامًا رَوْمًا. وَذَكَرَ نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الشِّيرَازِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُوَضِّحِ أَنَّ الْكُوفِيِّينَ وَمَنْ تَابَعَهُمْ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْإِشْمَامَ هُوَ الصَّوْتُ، وَهُوَ الَّذِي يُسْمَعُ لِأَنَّهُ عِنْدَهُمْ بَعْضُ حَرَكَةٍ. وَالرَّوْمُ هُوَ الَّذِي لَا يُسْمَعُ لِأَنَّهُ رَوْمُ الْحَرَكَةِ مِنْ غَيْرِ تَفَوُّهٍ بِهِ، قَالَ: وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ انْتَهَى. وَلَا مُشَاحَّةَ فِي التَّسْمِيَةِ إِذَا عُرِفَتِ الْحَقَائِقُ. وَأَمَّا قَوْلُ الْجَوْهَرِيِّ فِي الصِّحَاحِ: إِشْمَامُ الْحَرْفِ أَنْ تُشِمَّهُ الضَّمَّةَ، أَوِ الْكَسْرَةَ، وَهُوَ أَقَلُّ مِنْ رَوْمِ الْحَرَكَةِ لِأَنَّهُ لَا يُسْمَعُ، وَإِنَّمَا يَتَبَيَّنُ بِحَرَكَةِ الشَّفَةِ الْعُلْيَا، وَلَا يُعْتَدُّ بِهَا حَرَكَةً لِضَعْفِهَا، وَالْحَرْفُ الَّذِي فِيهِ الْإِشْمَامُ سَاكِنٌ، أَوْ كَالسَّاكِنِ انْتَهَى. وَهُوَ خِلَافُ مَا يَقُولُهُ النَّاسُ فِي حَقِيقَةِ الْإِشْمَامِ، وَفِي مَحَلِّهِ فَلَمْ يُوَافِقْ مَذْهَبًا مِنَ الْمَذْهَبَيْنِ. وَقَدْ وَرَدَ النَّصُّ فِي الْوَقْفِ إِشَارَتَيِ الرَوْمِ، وَالْإِشْمَامِ عَنْ أَبِي عَمْرٍو وَحَمْزَةَ وَالْكِسَائِيِّ وَخَلَفٍ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ النَّقْلِ، وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ عَنْ عَاصِمٍ فَرَوَاهُ عَنْهُ نَصًّا الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو وَالدَّانِيُّ، وَغَيْرُهُ. وَكَذَلِكَ حَكَاهُ عَنْهُ ابْنُ شَيْطٍ عَنْ أَئِمَّةِ الْعِرَاقِيِّينَ. وَهُوَ الصَّحِيحُ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الشَّطَوِيُّ نَصًّا عَنْ أَصْحَابِهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، وَأَمَّا غَيْرُ هَؤُلَاءِ فَلَمْ يَأْتِ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ نَصٌّ إِلَّا أَنَّ أَئِمَّةَ أَهْلِ الْأَدَاءِ وَمَشَايِخَ الْإِقْرَاءِ اخْتَارُوا الْأَخْذَ بِذَلِكَ لِجَمِيعِ الْأَئِمَّةِ فَصَارَ الْأَخْذُ بِالرَّوْمِ، وَالْإِشْمَامِ إِجْمَاعًا مِنْهُمْ سَائِغًا لِجَمِيعِ الْقُرَّاءِ بِشُرُوطٍ مَخْصُوصَةٍ فِي مَوَاضِعَ مَعْرُوفَةٍ وَبِاعْتِبَارِ ذَلِكَ انْقَسَمَ الْوَقْفُ عَلَى أَوَاخِرِ الْكَلِمِ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ:
قِسْمٌ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْقِرَاءَةِ إِلَّا بِالسُّكُونِ، وَلَا يَجُوزُ فِيهِ رَوْمٌ، وَلَا إِشْمَامٌ، وَهُوَ خَمْسَةُ أَصْنَافٍ:
أَوَّلُهَا مَا كَانَ سَاكِنًا فِي الْوَصْلِ نَحْوَ {فَلَا تَنْهَرْ}، {وَلَا تَمْنُنْ}، {وَمَنْ يَعْتَصِمْ}، {وَمَنْ يُهَاجِرْ}، {وَمَنْ يُقَاتِلْ}، {فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ}.
ثَانِيهَا مَا كَانَ فِي الْوَصْلِ مُتَحَرِّكًا بِالْفَتْحِ غَيْرَ مُنَوَّنٍ، وَلَمْ تَكُنْ حَرَكَتُهُ مَنْقُولَةً نَحْوَ {لَا رَيْبَ}، وَ{إِنْ شَاءَ اللَّهُ}، وَ{يُؤْمِنُونَ}، {وَآمَنَ}، {وَضَرَبَ}.
ثَالِثُهَا الْهَاءُ الَّتِي تَلْحَقُ الْأَسْمَاءَ فِي الْوَقْفِ بَدَلًا مِنْ تَاءِ التَّأْنِيثِ نَحْوَ {الْجَنَّةَ}، {وَالْمَلَائِكَةِ}، وَ{الْقِبْلَةَ}، وَ{لَعِبْرَةً}، وَ{مَرَّةً}.
رَابِعُهَا مِيمُ الْجَمْعِ فِي قِرَاءَةِ مَنْ حَرَّكَهُ فِي الْوَصْلِ وَوَصَلَهُ، وَفِي قِرَاءَةِ مَنْ لَمْ يُحَرِّكْهُ، وَلَمْ يَصِلْهُ نَحْوَ {عَلَيْهِمْ أَنْذَرَتْهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ}، وَ{فِيهِمْ}، {وَمِنْهُمْ}، {وَبِهِمْ}، {وَأَنَّهُمْ}، وَ{عَلَى قُلُوبِهِمْ}، {وَعَلَى سَمْعِهِمْ}، {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ} وَشَذَّ مَكِّيٌّ فَأَجَازَ الرَوْمَ، وَالْإِشْمَامَ فِي مِيمِ الْجَمْعِ لِمَنْ وَصَلَهَا قِيَاسًا عَلَى هَاءِ الضَّمِيرِ وَانْتَصَرَ لِذَلِكَ وَقَوَّاهُ. وَهُوَ قِيَاسٌ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ هَاءَ الضَّمِيرِ كَانَتْ مُتَحَرِّكَةً قَبْلَ الصِّلَةِ بِخِلَافِ الْمِيمِ بِدَلِيلِ قِرَاءَةِ الْجَمَاعَةِ فَعُومِلَتْ حَرَكَةُ الْهَاءِ فِي الْوَقْفِ مُعَامَلَةَ سَائِرِ الْحَرَكَاتِ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْمِيمِ حَرَكَةٌ فَعُومِلَتْ بِالسُّكُونِ فَهِيَ كَالَّذِي تَحَرَّكَ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ.
خَامِسُهَا الْمُتَحَرِّكُ فِي الْوَصْلِ بِحَرَكَةٍ عَارِضَةٍ إِمَّا لِلنَّقْلِ نَحْوَ {وَانْحَرْ إِنَّ}، وَ{مِنْ إِسْتَبْرَقٍ}، {فَقَدْ أُوتِيَ}، {قُلْ أُوحِيَ}، وَ{خَلَوْا إِلَى}، وَ{ذَوَاتَيْ أُكُلٍ}، وَإِمَّا لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ فِي الْوَصْلِ نَحْوَ {قُمِ اللَّيْلَ} {وَأَنْذِرِ النَّاسَ}، {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ}، وَ{لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ}، وَ{مَنْ يَشَأِ اللَّهُ}، وَ{اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ}، {وَعَصَوُا الرَّسُولَ}، وَمِنْ {يَوْمَئِذٍ}، وَ{حِينَئِذٍ} لِأَنَّ كَسْرَةَ الذَّالِ إِنَّمَا عَرَضَتْ عِنْدَ لَحَاقِ التَّنْوِينِ فَإِذَا زَالَ التَّنْوِينُ فِي الْوَقْفِ رَجَعَتِ الذَّالُ إِلَى أَصْلِهَا مِنَ السُّكُونِ، وَهَذَا بِخِلَافِ كَسْرَةِ {هَؤُلَاءِ} وَضَمَّةِ {مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} فَإِنَّ هَذِهِ الْحَرَكَةَ وَإِنْ كَانَتْ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ لَكِنْ لَا يَذْهَبُ ذَلِكَ السَّاكِنُ فِي الْوَقْفِ لِأَنَّهُ مِنْ نَفْسِ الْكَلِمَةِ.
وَهُوَ مَا يَجُوزُ فِيهِ الْوَقْفُ بِالسُّكُونِ وَبِالرَّوْمِ وَلَا يَجُوزُ بِالْإِشْمَامِ كَانَ فِي الْوَصْلِ مُتَحَرِّكًا بِالْكَسْرِ سَوَاءٌ كَانَتِ الْكَسْرَةُ لِلْإِعْرَابِ أَوِ الْبِنَاءِ نَحْوَ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، وَ{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، {وَفِي النَّارِ}، {وَمِنَ النَّاسِ}، {فَارْهَبُونِ}، {وَارْجِعُونِ}، وَ{أُفٍّ}، وَ{هَؤُلَاءِ}، وَ{سَبْعَ سَمَوَاتٍ}، وَ{عُتُلٍّ}، وَ{زَنِيمٍ}، وَكَذَلِكَ مَا كَانَتِ الْكَسْرَةُ فِيهِ مَنْقُولَةً مِنْ حَرْفٍ حُذِفَ مِنْ نَفْسِ الْكَلِمَةِ كَمَا فِي وَقْفِ حَمْزَةَ فِي نَحْوِ: {بَيْنَ الْمَرْءِ}، وَ{مِنْ شَيْءٍ}، وَ{ظَنَّ السَّوْءِ}، وَ{مِنْ سُوءٍ} وَمَا لَمْ تَكُنِ الْكَسْرَةُ فِيهِ مَنْقُولَةً مِنْ حَرْفٍ فِي كَلِمَةٍ أُخْرَى نَحْوَ: {ارْجِعْ إِلَيْهِمْ}، أَوْ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ مَعَ كَوْنِ السَّاكِنِ مِنْ كَلِمَةٍ أُخْرَى نَحْوَ {وَقَالَتِ اخْرُجْ} فِي قِرَاءَةِ مَنْ كَسَرَ التَّاءَ وَ{إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ} فِي قِرَاءَةِ الْجَمِيعِ، أَوْ مَعَ كَوْنِ السَّاكِنِ الثَّانِي عَارِضًا لِلْكَلِمَةِ الْأُولَى كَالتَّنْوِينِ فِي {حِينَئِذٍ} فَإِنَّ هَذَا كُلَّهُ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ إِلَّا بِالسُّكُونِ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَهُوَ مَا يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ بِالسُّكُونِ وَبِالرَّوْمِ وَبِالْإِشْمَامِ كَانَ فِي الْوَصْلِ مُتَحَرِّكًا بِالضَّمِّ مَا لَمْ تَكُنِ الضَّمَّةُ مَنْقُولَةً مِنْ كَلِمَةٍ أُخْرَى، أَوْ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ. وَهَذَا يَسْتَوْعِبُ حَرَكَةَ الْإِعْرَابِ وَحَرَكَةَ الْبِنَاءِ وَالْحَرَكَةِ الْمَنْقُولَةِ مِنْ حَرْفٍ حُذِفَ مِنْ نَفْسِ الْكَلِمَةِ. فَمِثَالُ حَرَكَةِ الْإِعْرَابِ {اللَّهُ الصَّمَدُ}، {وَيَخْلُقُ}، وَ{عَذَابٌ عَظِيمٌ}. وَمِثَالُ حَرَكَةِ الْبِنَاءِ: {مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ}، وَ{يَا صَالِحُ} وَمِثَالُ الْحَرَكَةِ الْمَنْقُولَةِ مِنْ حَرْفِ حُذِفَ مِنْ نَفْسِ الْكَلِمَةِ {دِفْءٌ}، وَ{الْمَرْءِ} كَمَا تَقَدَّمَ فِي وَقْفِ حَمْزَةَ وَمِثَالُ الْحَرَكَةِ الْمَنْقُولَةِ مِنْ كَلِمَةٍ أُخْرَى ضَمَّةُ اللَّامِ فِي {قُلْ أُوحِيَ} وَضَمَّةُ النُّونِ فِي {مَنْ أُوتِيَ}، وَمِثَالُ حَرَكَةِ الْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ ضَمَّةُ التَّاءِ فِي، {وَقَالَتِ اخْرُجْ} وَضَمَّةُ الدَّالِ فِي {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ}. فِي قِرَاءَةِ مَنْ ضَمَّ. وَكَذَلِكَ الْمِيمُ مِنْ {عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ}، وَ{بِهِمُ الْأَسْبَابُ} عِنْدَ مَنْ ضَمَّهَا. وَكَذَلِكَ نَحْوَ: {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ}، {وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ}، وَهُوَ الْمُقَدَّمُ فِي الصِّنْفِ الْخَامِسِ مِمَّا لَا يَجُوزُ فِيهِ وَقْفًا سِوَى السُّكُونِ.
وَأَمَّا هَاءُ الضَّمِيرِ فَاخْتَلَفُوا فِي الْإِشَارَةِ فِيهَا بِالرَّوْمِ، وَالْإِشْمَامِ فَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ إِلَى الْإِشَارَةِ فِيهَا مُطْلَقًا، وَهُوَ الَّذِي فِي التَّيْسِيرِ، وَالتَّجْرِيدِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْإِرْشَادِ وَالْكِفَايَةِ، وَغَيْرِهَا. وَاخْتِيَارُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُجَاهِدٍ. وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى مَنْعِ الْإِشَارَةِ فِيهَا مُطْلَقًا مِنْ حَيْثُ إِنَّ حَرَكَتَهَا عَارِضَةٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّاطِبِيِّ، وَالْوَجْهَانِ حَكَاهُمَا الدَّانِيُّ فِي غَيْرِ التَّيْسِيرِ، وَقَالَ: الْوَجْهَانِ جَيِّدَانِ. وَقَالَ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ: إِنَّ الْإِشَارَةَ إِلَيْهَا كَسَائِرِ الْمَبْنِيِّ اللَّازِمِ مِنَ الضَّمِيرِ، وَغَيْرُهُ أَقِيسُ انْتَهَى. وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ إِلَى التَّفْصِيلِ فَمَنَعُوا الْإِشَارَةَ بِالرَّوْمِ، وَالْإِشْمَامِ فِيهَا إِذَا كَانَ قَبْلَهَا ضَمٌّ، أَوْ وَاوٌ سَاكِنَةٌ، أَوْ كَسْرَةٌ، أَوْ يَاءٌ سَاكِنَةٌ نَحْوَ {يَعْلَمْهُ}، {وَأَمْرُهُ}، وَ{خُذُوهُ}، {وَلِيَرْضَوْهُ} وَنَحْوَ {بِهِ}، وَ{بِرَبِّهِ}، وَ{فِيهِ}، {وَإِلَيْهِ}، {وَعَلَيْهِ} طَلَبًا لِلْخِفَّةِ لِئَلَّا يَخْرُجُوا مِنْ ضَمٍّ، أَوْ وَاوٍ إِلَى ضَمَّةٍ، أَوْ إِشَارَةٍ إِلَيْهَا. وَمِنْ كَسْرٍ، أَوْ يَاءٍ إِلَى كَسْرَةٍ؛ وَأَجَازُوا الْإِشَارَةَ إِذَا لَمْ يَكُنْ قَبْلَهَا ذَلِكَ نَحْوَ {مِنْهُ، وَ{عَنْهُ}، وَ{اجْتَبَاهُ}، {وَهَدَاهُ، وَ{أَنْ يَعْلَمَهُ}، وَ{لَنْ تُخْلَفَهُ}، وَ{أَرْجِهْ} لِابْنِ كَثِيرٍ وَأَبِي عَمْرٍو وَابْنِ عَامِرٍ وَيَعْقُوبَ، {وَيَتَّقْهِ} لِحَفْصٍ مُحَافَظَةً عَلَى بَيَانِ الْحَرَكَةِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ ثِقَلٌ، وَهُوَ الَّذِي قَطَعَ بِهِ أَبُو مُحَمَّدٍ مَكِّيٌّ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ شُرَيْحٍ وَالْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ الْحُصْرِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْحُصْرِيُّ بِقَوْلِهِ: وَأَشْمِمْ وَرُمْ مَا لَمْ تَقِفْ بَعْدَ ضَمَّةٍ *** وَلَا كَسْرَةٍ أَوْ بَعْدَ أُمَّيْهِمَا فَادْرِ وَأَشَارَ إِلَيْهِ أَبُو الْقَاسِمِ الشَّاطِبِيُّ وَالدَّانِيُّ فِي جَامِعِهِ، وَهُوَ أَعْدَلُ الْمَذَاهِبِ عِنْدِي- وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا سِبْطُ الْخَيَّاطِ فَقَالَ: اتَّفَقَ الْكُلُّ عَلَى رَوْمِ الْحَرَكَةِ فِي هَاءِ ضَمِيرِ الْمُفْرَدِ السَّاكِنِ مَا قَبْلَهَا نَحْوَ {مِنْهُ}، وَ{عَصَاهُ}، {وَإِلَيْهِ}، {وَأَخِيهِ}، وَ{اضْرِبُوهُ} وَنَحْوِهِ. قَالَ: وَاتَّفَقُوا عَلَى إِسْكَانِهَا إِذَا تَحَرَّكَ مَا قَبْلَهَا نَحْوَ {لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ}، {فَهُوَ يُخْلِفُهُ}. وَنَحْوَ ذَلِكَ فَانْفَرَدَ فِي هَذَا الْمَذْهَبِ فِيمَا أَعْلَمُ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْأَوَّلُ: قَالُوا: فَائِدَةُ الْإِشَارَةِ فِي الْوَقْفِ بِالرَّوْمِ، وَالْإِشْمَامِ هِيَ بَيَانُ الْحَرَكَةِ الَّتِي تَثْبُتُ فِي الْوَصْلِ لِلْحَرْفِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لِيَظْهَرَ لِلسَّامِعِ، أَوْ لِلنَّاظِرِ كَيْفَ تِلْكَ الْحَرَكَةُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهَا. وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي اسْتِحْسَانَ الْوَقْفِ بِالْإِشَارَةِ إِذَا كَانَ بِحَضْرَةِ الْقَارِئِ مَنْ يَسْمَعُ قِرَاءَتَهُ. أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ بِحَضْرَتِهِ أَحَدٌ يَسْمَعُ تِلَاوَتَهُ فَلَا يَتَأَكَّدُ الْوَقْفُ إِذَا ذَاكَ بِالرَّوْمِ، وَالْإِشْمَامِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ أَنْ يُبَيِّنَ لِنَفْسِهِ، وَعِنْدَ حُضُورِ الْغَيْرِ يَتَأَكَّدُ ذَلِكَ لِيَحْصُلَ الْبَيَانُ لِلسَّامِعِ فَإِنْ كَانَ السَّامِعُ عَالِمًا بِذَلِكَ عَلِمَ بِصِحَّةِ عَمَلِ الْقَارِئِ. وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ كَانَ فِي ذَلِكَ تَنْبِيهٌ لَهُ لِيَعْلَمَ حُكْمَ ذَلِكَ الْحَرْفِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ كَيْفَ هُوَ فِي الْوَصْلِ وَإِنْ كَانَ الْقَارِئُ مُتَعَلِّمًا ظَهَرَ عَلَيْهِ بَيْنَ يَدَيِ الْأُسْتَاذِ هَلْ أَصَابَ فَيُقِرَّهُ، أَوْ أَخْطَأَ فَيُعَلِّمَهُ. وَكَثِيرٌ مَا يَشْتَبِهُ عَلَى الْمُبْتَدِئِينَ، وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَمْ يُوقِفْهُ الْأُسْتَاذُ عَلَى بَيَانِ الْإِشَارَةِ أَنْ يُمَيِّزُوا بَيْنَ حَرَكَاتِ الْإِعْرَابِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}، وَ{إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} فَإِنَّهُمْ إِذَا اعْتَادُوا الْوَقْفَ عَلَى مِثْلِ هَذَا بِالسُّكُونِ لَمْ يَعْرِفُوا كَيْفَ يَقْرَءُونَ {عَلِيمٌ}، وَ{فَقِيرٌ} حَالَةَ الْوَصْلِ هَلْ هُوَ بِالرَّفْعِ أَمْ بِالْجَرِّ، وَقَدْ كَانَ كَثِيرٌ مِنْ مُعَلِّمِينَا يَأْمُرُنَا فِيهِ بِالْإِشَارَةِ. وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَأْمُرُ بِالْوَصْلِ مُحَافَظَةً عَلَى التَّعْرِيفِ بِهِ، وَذَلِكَ حَسَنٌ لَطِيفٌ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الثَّانِي التَّنْوِينُ فِي {يَوْمَئِذٍ}، {وَكُلٌّ}، وَ{غَوَاشٍ} تَنْوِينُ عِوَضٍ مِنْ مَحْذُوفٍ وَالْإِشَارَةُ فِي {يَوْمَئِذٍ} مُمْتَنِعَةٌ، وَفِي {كُلٌّ}، وَ{غَوَاشٍ} جَائِزَةٌ لِأَنَّ أَصْلَ الذَّالِ مِنْ {يَوْمَئِذٍ} سَاكِنَةٌ، وَإِنَّمَا كُسِرَتْ مِنْ أَجْلِ مُلَاقَاتِهَا سُكُونَ التَّنْوِينِ فَلَمَّا وَقَفَ عَلَيْهَا زَالَ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ كُسِرَتْ فَعَادَتِ الذَّالُ إِلَى أَصْلِهَا، وَهُوَ السُّكُونُ، وَذَلِكَ بِخِلَافِ {كُلٌّ}، وَ{غَوَاشٍ} لِأَنَّ التَّنْوِينَ فِيهِ دَخَلَ عَلَى مُتَحَرِّكٍ فَالْحَرَكَةُ فِيهِ أَصْلِيَّةٌ فَكَانَ الْوَقْفُ عَلَيْهِ بِالرَّوْمِ حَسَنًا- وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الثَّالِثُ: تَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ بَيْنَ مَذْهَبِ الْقُرَّاءِ، وَالنَّحْوِيِّينَ فِي حَقِيقَةِ الرَّوْمِ فِي الْمَفْتُوحِ وَالْمَنْصُوبِ غَيْرِ الْمُنَوَّنِ. فَعَلَى قَوْلِ الْقُرَّاءِ لَا يَدْخُلُ عَلَى حَرَكَةِ الْفَتْحِ لِأَنَّ الْفَتْحَةَ خَفِيفَةٌ فَإِذَا خَرَجَ بَعْضُهَا خَرَجَ سَائِرُهَا لِأَنَّهَا لَا تَقْبَلُ التَّبْعِيضَ كَمَا يَقْبَلُهُ الْكَسْرُ وَالضَّمُّ بِمَا فِيهِمَا مِنَ الثِّقْلِ. وَالرَوْمُ عِنْدَهُمْ بَعْضُ حَرَكَةٍ. وَعَلَى قَوْلِ النُّحَاةِ يَدْخُلُ عَلَى حَرَكَةِ الْفَتْحِ كَمَا يَدْخُلُ عَلَى الضَّمِّ وَالْكَسْرِ لِأَنَّ الرَّوْمَ عِنْدَهُمْ إِخْفَاءُ الْحَرَكَةِ فَهُوَ بِمَعْنَى الِاخْتِلَاسِ. وَذَلِكَ لَا يَمْتَنِعُ فِي الْحَرَكَاتِ الثَّلَاثِ وَلِذَلِكَ جَازَ الِاخْتِلَاسُ عِنْدَ الْقُرَّاءِ فِي هَاءِ {يَهْدِي} وَخَاءِ {يَخِصِّمُونَ} الْمَفْتُوحَيْنِ، وَلَمْ يَجُزِ الرَوْمُ عِنْدَهُمْ فِي نَحْوِ {لَا رَيْبَ}، {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ} وَجَازَ الرَوْمُ وَالِاخْتِلَاسُ عِنْدَ النُّحَاةِ فِي نَحْوِ {أَنْ يَضْرِبَ} فَالرَوْمُ وَقْفًا وَالِاخْتِلَاسُ وَصْلًا، وَكِلَاهُمَا فِي اللَّفْظِ وَاحِدٌ. قَالَ سِيبَوَيْهِ فِي كِتَابِهِ: أَمَّا مَا كَانَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ أَوْ جَرٍّ فَإِنَّكَ تَرُومُ فِيهِ الْحَرَكَةَ. فَأَمَّا الْإِشْمَامُ فَلَيْسَ إِلَيْهِ سَبِيلٌ انْتَهَى. فَالرَوْمُ عِنْدَ الْقُرَّاءِ غَيْرُ الِاخْتِلَاسِ، وَغَيْرُ الْإِخْفَاءِ أَيْضًا. وَالِاخْتِلَاسُ وَالْإِخْفَاءُ عِنْدَهُمْ وَاحِدٌ وَلِذَلِكَ عَبَّرُوا بِكُلٍّ مِنْهُمَا عَنِ الْآخَرِ كَمَا ذَكَرُوا فِي {أَرِنَا}، وَ{نِعِمَّا}، {وَيَهْدِي}، وَ{يَخِصِّمُونَ}، وَرُبَّمَا عَبَّرُوا بِالْإِخْفَاءِ عَنِ الرَّوْمِ أَيْضًا كَمَا ذَكَرَ بَعْضُهُمْ فِي {تَأْمَنَّا} تَوَسُّعًا. وَوَقَعَ فِي كَلَامِ الدَّانِيِّ فِي كِتَابِهِ التَّجْرِيدِ أَنَّ الْإِخْفَاءَ وَالرَوْمَ وَاحِدٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ.
الرَّابِعُ قَوْلُهُمْ لَا يَجُوزُ الرَوْمُ، وَالْإِشْمَامُ فِي الْوَقْفِ عَلَى هَاءِ التَّأْنِيثِ إِنَّمَا يُرِيدُونَ بِهِ إِذَا وَقَفَ بِالْهَاءِ بَدَلًا مِنْ هَاءِ التَّأْنِيثِ لِأَنَّ الْوَقْفَ حِينَئِذٍ إِنَّمَا هُوَ عَلَى حَرْفٍ لَيْسَ عَلَيْهِ إِعْرَابٌ، بَلْ هُوَ بَدَلٌ مِنَ الْحَرْفِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ الْإِعْرَابُ. أَمَّا إِذَا وَقَفَ عَلَيْهِ بِالتَّاءِ اتِّبَاعًا لِخَطِ الْمُصْحَفِ فِيمَا كُتِبَ مِنْ ذَلِكَ بِالتَّاءِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْبَابِ الْآتِي فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ بِالرَّوْمِ، وَالْإِشْمَامِ، بِلَا نَظَرٍ لِأَنَّ الْوَقْفَ إِذْ ذَاكَ عَلَى الْحَرْفِ الَّذِي كَانَتِ الْحَرَكَةُ لَازِمَةً لَهُ فَيُسَوَّغُ فِيهِ الرَوْمُ، وَالْإِشْمَامُ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْخَامِسُ يَتَعَيَّنُ التَّحَفُّظُ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْمُشَدَّدِ الْمَفْتُوحِ بِالْحَرَكَةِ نَحْوَ: {صَوَافَّ}، {وَيُحِقُّ الْحَقَّ}، {وَلَكِنَّ الْبِرَّ}، وَ{مَنْ صَدَّ}، وَ{كَأَنَّ}، وَ{عَلَيْهِنَّ} فَكَثِيرٌ مِمَّنْ لَا يَعْرِفُ يَقِفُ بِالْفَتْحِ مِنْ أَجْلِ السَّاكِنَيْنِ، وَهُوَ خَطَأٌ لَا يَجُوزُ، بَلِ الصَّوَابُ الْوَقْفُ بِالسُّكُونِ مَعَ التَّشْدِيدِ عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَ السَّاكِنَيْنِ إِذِ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الْوَقْفِ مُغْتَفَرٌ مُطْلَقًا.
السَّادِسُ إِذَا وُقِفَ عَلَى الْمُشَدَّدِ الْمُتَطَرِّفِ وَكَانَ قَبْلَهُ أَحَدُ حُرُوفِ الْمَدِّ، أَوِ اللِّينِ نَحْوِ دَوَابِّ، وَ{صَوَافَّ} وَاللَّذَانِّ، وَنَحْوِ تُبَشِّرُونِّ، وَاللَّذَيْنِّ، وَهَاتَيْنِّ وُقِفَ بِالتَّشْدِيدِ كَمَا يُوصَلُ وَإِنِ اجْتَمَعَ فِي ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ سَاكِنَيْنِ وَمَدٍّ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، وَرُبَّمَا زِيدَ فِي مَدِّهِ وَقْفًا لِذَلِكَ كَمَا قَدَّمْنَا فِي آخِرِ بَابِ الْمَدِّ، وَقَدْ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ فِي سُورَةِ الْحِجْرِ مِنْ جَامِعِ الْبَيَانِ عِنْدَ ذِكْرِهِ فَبِمَ تُبَشِّرُونِّ مَا نَصُّهُ: وَالْوَقْفُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ كَثِيرٍ غَيْرُ مُمْكِنٍ إِلَّا بِتَخْفِيفِ النُّونِ لِالْتِقَاءِ ثَلَاثِ سَواكِنٍ فِيهِ إِذَا شُدِّدَتْ وَالْتِقَاؤُهُنَّ مُمْتَنِعٌ، وَذَلِكَ بِخِلَافِ الْوَقْفِ عَلَى الْمُشَدَّدِ الَّذِي تَقَعُ الْأَلِفُ قَبْلَهُ نَحْوَ {الدَّوَابِّ}، {وَصَوَافَّ}، وَ{غَيْرَ مُضَارٍّ}، {وَلَا جَانٌّ} وَمَا أَشْبَهَهُ، وَكَذَلِكَ اللَّذَانِّ، وَهَذَانِّ عَلَى قِرَاءَتِهِ أَنَّ الْأَلِفَ لِلُزُومِ حَرَكَةِ مَا قَبْلَهَا قَوِيَ الْمَدُّ بِهَا فَصَارَتْ لِذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْمُتَحَرِّكِ، وَالْوَاوُ وَالْيَاءُ بِتَغَيّرِ حَرَكَةِ مَا قَبْلَهُمَا وَانْتِقَالِهِمَا خَلُصَ السُّكُونُ بِهِمَا فَلِذَلِكَ تَمَكَّنَ الْتِقَاءُ السَّاكِنَيْنِ بَعْدَ الْأَلِفِ فِي الْوَقْفِ، وَلَمْ يَتَمَكَّنِ الْتِقَاؤُهُمَا بَعْدَ الْوَاوِ وَالْيَاءِ لِخُلُوصِ سُكُونِهِمَا وَكَوْنِ الْأَلِفِ بِمَنْزِلَةِ حَرْفٍ مُتَحَرِّكٍ انْتَهَى، وَهُوَ مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ، وَلَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا وَافَقَهُ عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ هَذِهِ السَّوَاكِنِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَا أَعْلَمُ لَهُ كَلَامًا نَظِيرَ هَذَا الْكَلَامِ الَّذِي لَا يَخْفَى مَا فِيهِ، وَالصَّوَابُ الْوَقْفُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ بِالتَّشْدِيدِ وَالرَوْمِ فَلَا يَجْتَمِعُ السَّوَاكِنُ الْمَذْكُورَةُ، عَلَى أَنَّ الْوَقْفَ بِالتَّشْدِيدِ لَيْسَ كَالنُّطْقِ بِسَاكِنَيْنِ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ فِي زِنَةِ السَّاكِنَيْنِ فَإِنَّ اللِّسَانَ يَنْبُو بِالْحَرْفِ الْمُشَدَّدِ نَبْوَةً وَاحِدَةً فَيَسْهُلُ النُّطْقُ بِهِ لِذَلِكَ، وَذَلِكَ مَشَاهَدٌ حِسًّا وَلِذَلِكَ سَاغَ الْوَقْفُ عَلَى نَحْوِ {صَوَافَّ}، وَ{دَوَابَّ} بِالْإِسْكَانِ، وَلَمْ يَسُغِ الْوَقْفُ عَلَى أَرَايْتَ وَنَحْوِهِ فِي وَجْهِ الْإِبْدَالِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي آخِرِ بَابِ الْهَمْزِ الْمُفْرَدِ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَهُوَ خَطُ الْمَصَاحِفِ الْعُثْمَانِيَّةِ الَّتِي أَجْمَعَ الصَّحَابَةُ عَلَيْهَا كَمَا تَقَدَّمَ، أَوَّلَ الْكِتَابِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَطِّ الْكِتَابَةُ. وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ قِيَاسِيٌّ وَاصْطِلَاحِيٌّ فَالْقِيَاسِيُّ مَا طَابَقَ فِيهِ الْخَطُّ اللَّفْظَ، وَالِاصْطِلَاحِيُّ مَا خَالَفَهُ بِزِيَادَةٍ، أَوْ حَذْفٍ، أَوْ بَدَلٍ، أَوْ وَصْلٍ، أَوْ فَصْلٍ وَلَهُ قَوَانِينُ وَأُصُولٌ يَحْتَاجُ إِلَى مَعْرِفَتِهَا، وَبَيَانُ ذَلِكَ مُسْتَوْفَى فِي أَبْوَابِ الْهِجَاءِ مِنْ كُتُبِ الْعَرَبِيَّةِ، وَأَكْثَرُ خَطِّ الْمَصَاحِفِ مُوَافِقٌ لِتِلْكَ الْقَوَانِينِ لَكِنَّهُ قَدْ جَاءَتْ أَشْيَاءُ خَارِجَةٌ عَنْ ذَلِكَ يَلْزَمُ اتِّبَاعُهَا، وَلَا يَتَعَدَّى إِلَى سِوَاهَا؛ مِنْهَا مَا عَرَفْنَا سَبَبَهُ، وَمِنْهَا مَا غَابَ عَنَّا، وَقَدْ صَنَّفَ الْعُلَمَاءُ فِيهَا كُتُبًا كَثِيرَةً قَدِيمًا وَحَدِيثًا كَأَبِي حَاتِمٍ وَنُصَيْرٍ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي دَاوُدَ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ مِهْرَانَ وَأَبِي عَمْرٍو الدَّانِيِّ، وَصَاحِبِهِ أَبِي دَاوُدَ وَالشَّاطِبِيِّ وَالْحَافِظِ أَبِي الْعَلَاءِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْأَدَاءِ وَأَئِمَّةُ الْإِقْرَاءِ عَلَى لُزُومِ مَرْسُومِ الْمَصَاحِفِ فِيمَا تَدْعُو الْحَاجَةُ إِلَيْهِ اخْتِيَارًا وَاضْطِرَارًا فَيُوقَفُ عَلَى الْكَلِمَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهَا، أَوِ الْمَسْؤُولِ عَنْهَا عَلَى وَفْقِ رَسْمِهَا فِي الْهِجَاءِ، وَذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الْأَوَاخِرِ مِنَ الْإِبْدَالِ وَالْحَذْفِ وَالْإِثْبَاتِ؛ وَتَفْكِيكِ الْكَلِمَاتِ بَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ مِنْ وَصْلٍ، وَقَطْعٍ، فَمَا كُتِبَ مِنْ كَلِمَتَيْنِ مَوْصُولَتَيْنِ لَمْ يُوقَفْ إِلَّا عَلَى الثَّانِيَةِ مِنْهُمَا وَمَا كُتِبَ مِنْهُمَا مَفْصُولًا نَحْوَ {رَانَ} يُوقَفُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا هَذَا هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ عَنْ أَئِمَّةِ الْأَمْصَارِ فِي كُلِّ الْأَعْصَارِ، وَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ نَصًّا وَأَدَاءً عَنْ نَافِعٍ وَأَبِي عَمْرٍو وَعَاصِمٍ وَحَمْزَةَ وَالْكِسَائِيِّ وَأَبِي جَعْفَرٍ وَخَلَفٍ، وَرَوَاهُ كَذَلِكَ نَصًّا الْأَهْوَازِيُّ، وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ، وَرَوَاهُ كَذَلِكَ أَئِمَّةُ الْعِرَاقِيِّينَ عَنْ كُلِّ الْقُرَّاءِ بِالنَّصِّ وَالْأَدَاءِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ مَنْ تَقَدَّمَنَا لِلْجَمِيعِ، وَهُوَ الَّذِي لَا يُوجَدُ نَصٌّ بِخِلَافِهِ، وَبِهِ نَأْخُذُ لِجَمِيعِهِمْ كَمَا أَخَذَ عَلَيْنَا وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ أَبُو مُزَاحِمٍ الْخَاقَانِيُّ بِقَوْلِهِ: وَقِفْ عِنْدَ إِتْمَامِ الْكَلَامِ مُوَافِقًا *** لِمُصْحَفِنَا الْمَتْلُوِّ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ إِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَلْيُعْلَمْ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْمَرْسُومِ يَنْقَسِمُ إِلَى مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ وَمُخْتَلَفٍ فِيهِ وَهَا نَحْنُ نَذْكُرُ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ قِسْمًا قِسْمًا فَإِنَّهُ مَقْصُودُ هَذَا الْبَابِ ثُمَّ نَذْكُرُ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ آخَرَ كُلِّ قِسْمٍ لِتَتِمَّ الْفَائِدَةُ عَلَى عَادَتِنَا فَنَقُولُ: تَنْحَصِرُ أَقْسَامُ هَذَا الْبَابِ فِي خَمْسَةِ أَقْسَامٍ: الْأَوَّلُ الْإِبْدَالُ، الثَّانِي الْإِثْبَاتُ الثَّالِثُ الْحَذْفُ، الرَّابِعُ الْوَصْلُ، الْخَامِسُ الْقَطْعُ.
فَأَمَّا الْإِبْدَالُ فَهُوَ إِبْدَالُ حَرْفٍ بِآخَرَ، وَهُوَ مِنَ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ يَنْحَصِرُ فِي أَصْلٍ مُطَّرِدٍ، وَكَلِمَاتٍ مَخْصُوصَةٍ فَالْأَصْلُ الْمُطَّرِدُ كُلُّ هَاءِ التَّأْنِيثِ رُسِمَتْ تَاءً نَحْوَ {رَحْمَتِ}، وَ{نِعْمَتَ}، وَ{شَجَرَتَ}، وَ{جَنَّتَ}، وَ{كَلِمَتَ}، وَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ: قِسْمٌ اتَّفَقُوا عَلَى قِرَاءَتِهِ بِالْإِفْرَادِ، وَقِسْمٌ اخْتَلَفُوا فِيهِ. فَالْقِسْمُ الْمُتَّفَقُ عَلَى إِفْرَادِهِ جُمْلَتُهُ فِي الْقُرْآنِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً تَكَرَّرَ مِنْهَا سِتَّةٌ. الْأَوَّلُ: {رَحْمَتَ} فِي سَبْعَةِ مَوَاضِعَ. فِي الْبَقَرَةِ {أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحِمَتَ اللَّهِ}، وَفِي الْأَعْرَافِ {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ}، وَفِي هُودٍ {رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ}، وَفِي مَرْيَمَ {ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ}، وَفِي الرُّومِ {إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ}، وَفِي الزُّخْرُفِ {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ}، {وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ}. الثَّانِي: {نِعْمَتَ} فِي أَحَدَ عَشَرَ مَوْضِعًا. فِي الْبَقَرَةِ {نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ}، وَفِي آلِ عِمْرَانَ {نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ}، وَفِي الْمَائِدَةِ {نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ}، وَفِي إِبْرَاهِيمَ {بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا}، {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ}، وَفِي النَّحْلِ: {وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ}، وَيَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ}، {وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ}، وَفِي لُقْمَانَ {فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ}، وَفِي فَاطِرٍ {نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ}، وَفِي الطَّوْرِ {فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ}. الثَّالِثُ: {امْرَأَتَ} فِي سَبْعَةِ مَوَاضِعَ فِي آلِ عِمْرَانَ {إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ}، {وَفِي يُوسُفَ {قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ} فِي الْمَوْضِعَيْنِ. فِي الْقَصَصِ {وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ}، وَفِي التَّحْرِيمِ {امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ}، وَ{امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ}. الرَّابِعُ {سُنَّتُ} فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ فِي الْأَنْفَالِ {فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ}، وَفِي فَاطِرٍ {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا}، وَفِي غَافِرٍ: {سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ}. الْخَامِسُ {لَعْنَتَ} فِي مَوْضِعَيْنِ: أَحَدُهُمَا فِي آلِ عِمْرَانَ {فَنَجْعَلُ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ}، {وَأَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ} فِي النُّورِ. السَّادِسُ {مَعْصِيتِ الرَّسُولِ} فِي الْمَوْضِعَيْنِ مِنَ الْمُجَادِلَةِ، وَغَيْرِ الْمُكَرَّرِ سَبْعَةٌ، وَهِيَ {كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى} فِي الْأَعْرَافِ وَ{بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ} فِي هُودٍ وَ{قُرَّتُ عَيْنٍ} فِي الْقَصَصِ وَ{فِطْرَتَ اللَّهِ} فِي الرُّومِ وَ{شَجَرَتُ الزَّقُّومِ} فِي الدُّخَانِ وَ{جَنَّتُ نَعِيمٍ} فِي الْوَاقِعَةِ وَ{ابْنَتَ عِمْرَانَ} فِي التَّحْرِيمِ. فَوَقَفَ عَلَى هَذِهِ الْمَوَاضِعِ بِالْهَاءِ خِلَافًا لِلرَّسْمِ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ وَيَعْقُوبُ، هَذَا هُوَ الَّذِي قَرَأْنَا بِهِ وَنَأْخُذُ بِهِ، وَهُوَ مُقْتَضَى نُصُوصِهِمْ، وَنُصُوصِ أَئِمَّتِنَا الْمُحَقِّقِينَ عَنْهُمْ وَقِيَاسُ مَا ثَبَتَ نَصًّا عَنْهُمْ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ الْمُؤَلِّفِينَ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِذَلِكَ فَيَقْتَضِي عَدَمُ ذِكْرِهِمْ لَهُ وَالْكَثِيرُ مِنْ هَذَا الْبَابِ أَنْ تَكُونَ الْجَمَاعَةُ كُلُّهُمْ فِيهِ عَلَى الرَّسْمِ فَلَا يَكُونُ فِيهِ خِلَافُ الْوَقْفِ عَلَيْهِ بِالتَّاءِ. فَإِنَّ مَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ وَغَايَةُ مَنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ السُّكُوتُ، وَلَا حُجَّةَ فِيهِ، وَفِي الْكَافِي الْوَقْفُ فِي ذَلِكَ بِالْهَاءِ لِأَبِي عَمْرٍو وَالْكِسَائِيِّ، وَفِي الْهِدَايَةِ لِلْكِسَائِيِّ وَحْدَهُ، وَفِي الْكَنْزِ لِابْنِ كَثِيرٍ وَأَبِي عَمْرٍو وَالْكِسَائِيِّ، فَلَمْ يَذْكُرْ يَعْقُوبَ. وَالْقِسْمُ الَّذِي قُرِئَ بِالْإِفْرَادِ وَبِالْجَمْعِ ثَمَانِيَةُ أَحْرُفٍ، وَهِيَ {كَلِمَتُ رَبِّكَ} فِي الْأَنْعَامِ {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا}، وَفِي يُونُسَ {وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ}، وَ{إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ}، وَفِي غَافِرٍ {وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ}، وَ{آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} فِي يُوسُفَ وَ{فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ} فِي الْمَوْضِعَيْنِ مِنْ يُوسُفَ وَ{آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ} فِي الْعَنْكَبُوتِ وَفِي الْفُرْقَانِ {آمِنُونَ}، وَفِي سَبَأٍ وَ{عَلَى بَيِّنَتٍ مِنْهُ} فِي فَاطِرٍ {وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ} فِي فُصِّلَتْ وَ{جِمَالَتٌ} فِي الْمُرْسَلَاتِ. فَمَنْ قَرَأَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِالْإِفْرَادِ وَكَانَ مِنْ مَذْهَبِهِ الْوَقْفُ بِالْهَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَفَ بِالْهَاءِ وَإِنْ كَانَ مِنْ مَذْهَبِهِ الْوَقْفُ بِالتَّاءِ وَقَفَ بِالتَّاءِ. مَنْ قَرَأَهُ بِالْجَمْعِ وَقَفَ عَلَيْهِ بِالتَّاءِ كَسَائِرِ الْجُمُوعِ. وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ مُفَصَّلًا فِي أَمَاكِنِهِ- إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَدْ أَجْمَعَتِ الْمَصَاحِفُ عَلَى كِتَابَةِ ذَلِكَ كُلِّهِ بِالتَّاءِ إِلَّا مَا ذَكَرَهُ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ فِي الْحَرْفِ الثَّانِي مِنْ يُونُسَ، وَهُوَ {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ} قَالَ: تَأَمَّلْتُهُ فِي مَصَاحِفَ أَهِلِ الْعِرَاقِ فَرَأَيْتُهُ مَرْسُومًا بِالْهَاءِ؛ وَكَذَلِكَ اخْتُلِفَ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ فِي غَافِرٍ: {وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ} فَكِتَابَتُهُ بِالْهَاءِ عَلَى قِرَاءَةِ الْإِفْرَادِ، بِلَا نَظَرٍ. وَكِتَابَتُهُ بِالتَّاءِ عَلَى مُرَادِ الْجَمْعِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ الْإِفْرَادُ وَيَكُونُ كَنَظَائِرِهِ مِمَّا كُتِبَ بِالتَّاءِ مُفْرَدًا. وَلَكِنَّ الَّذِي هُوَ فِي مَصَاحِفِهِمْ بِالتَّاءِ قَرَءُوهُ بِالْجَمْعِ فِيمَا نَعْلَمُهُ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَيَلْتَحِقُ بِهَذِهِ الْأَحْرُفِ {حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} فِي النِّسَاءِ. قَرَأَ يَعْقُوبُ بِالتَّنْوِينِ وَالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ اسْمٌ مُؤَنَّثٌ. وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ أَبُو الْعِزِّ الْقَلَانِسِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ طَاهِرُ بْنُ غَلْبُونَ وَالْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ وَغَيْرُهُمْ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَيْهِ بِالْهَاءِ. وَذَلِكَ عَلَى أَصْلِهِ فِي الْبَابِ. وَنَصَّ أَبُو طَاهِرِ بْنُ سَوَّارٍ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّ الْوَقْفَ بِالتَّاءِ لِكُلِّهِمْ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي التَّاءُ لَهُ وَسَكَتَ آخَرُونَ فَلَمْ يَنُصُّوا فِيهِ كَالْحَافِظِ أَبِي الْعَلَاءِ، وَغَيْرِهِ، وَقَالَ سِبْطُ الْخَيَّاطِ فِي الْمُبْهِجِ: وَالْوَقْفُ بِالتَّاءِ إِجْمَاعٌ لِأَنَّهُ كَذَلِكَ فِي الْمُصْحَفِ. قَالَ: وَيَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ بِالْهَاءِ فِي قِرَاءَةِ يَعْقُوبَ مِثْلَ كَلِمَةِ وَوَجِلَةٍ، وَهَذَا يَقْتَضِي الْوَقْفُ عِنْدَهُ عَلَى مَا كُتِبَ تَاءً بِهَا كَمَا قَدَّمْنَا- وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا الْكَلِمَاتُ الْمَخْصُوصَةُ بِالْوَقْفِ فَهِيَ سِتٌّ: {يَا أَبَتِ}، وَ{هَيْهَاتَ}، وَ{مَرْضَاتِ}، {وَلَاتَ}، وَ{اللَّاتَ}، وَ{ذَاتَ بَهْجَةٍ}. أَمَّا {يَا أَبَتِ}، وَهِيَ فِي يُوسُفَ. وَمَرْيَمَ. وَالْقَصَصِ. وَالصَّافَّاتِ. فَوَقَفَ عَلَيْهَا بِالْهَاءِ خِلَافًا لِلرَّسْمِ: ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ وَيَعْقُوبُ. وَوَقَفَ الْبَاقُونَ بِالتَّاءِ عَلَى الرَّسْمِ وَأَمَّا {هَيْهَاتَ}، وَهُوَ الْحَرْفَانِ فِي الْمُؤْمِنُونَ فَوَقَفَ عَلَيْهَا بِالْهَاءِ. الْكِسَائِيُّ وَالْبَزِّيُّ. وَاخْتُلِفَ عَنْ قُنْبُلٍ، فَرَوَى عَنْهُ الْعِرَاقِيُّونَ قَاطِبَةً الْهَاءَ كَالْبَزِّيِّ، وَهُوَ الَّذِي فِي الْكَافِي، وَالْهِدَايَةِ، وَالْهَادِي، وَالتَّجْرِيدِ، وَغَيْرِهَا. وَقَطَعَ لَهُ بِالتَّاءِ فِيهِمَا صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ، وَالتَّيْسِيرِ، وَالشَّاطِبِيَّةِ، وَالْعُنْوَانِ، وَالتَّذْكِرَةِ، وَتَلْخِيصِ الْعِبَارَاتِ، وَغَيْرِهَا. وَبِذَلِكَ قَرَأَ الْبَاقُونَ. إِلَّا أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْعُنْوَانِ وَالتَّذْكِرَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، لَمْ يُذْكَرْ فِي الْأَوَّلِ، وَانْفَرَدَ صَاحِبُ الْعُنْوَانِ عَنْ أَبِي الْحَارِثِ بِالتَّاءِ فِي الثَّانِيَةِ كَالْجَمَاعَةِ وَأَمَّا {مَرْضَاتِ}، وَهُوَ أَرْبَعَةُ مَوَاضِعَ مَوْضِعَانِ فِي الْبَقَرَةِ وَمَوْضِعٌ فِي النِّسَاءِ. وَمَوْضِعٌ فِي التَّحْرِيمِ {وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ} فِي ص وَ{اللَّاتَ} فِي النَّجْمِ وَ{ذَاتَ بَهْجَةٍ} فِي النَّمْلِ. فَوَقَفَ الْكِسَائِيُّ عَلَى الْأَرْبَعَةِ بِالْهَاءِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عَنْهُ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي بَعْضِهَا فِي بَعْضِ الْكُتُبِ فَلَمْ يَذْكُرْ فِي تَلْخِيصِ الْعِبَارَاتِ {اللَّاتَ}، وَ{ذَاتَ بَهْجَةٍ} وَخُصَّ الدُّورِيُّ عَنْهُ فِي {لَاتَ} بِالْهَاءِ، وَفِي التَّبْصِرَةِ رَوَى عَنِ الْكِسَائِيِّ فِي غَيْرِ {مَرْضَاتِ} الْهَاءَ وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ التَّاءُ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي التَّجْرِيدِ {ذَاتَ بَهْجَةٍ}، {وَلَاتَ حِينَ} وَوَقَفَ مَنْ قِرَاءَتُهُ عَلَى الْفَارِسِيِّ يَعْنِي فِي الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى {اللَّاتَ} بِالْهَاءِ. وَلَمْ يَذْكُرْ أَبُو الْعِزِّ، وَلَا كَثِيرٌ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ {ذَاتَ بَهْجَةٍ}، وَقَطَعَ لَهُ فِي {مَرْضَاتِ} بِالْهَاءِ، وَفِي التَّبْصِرَةِ حَكَى عَنْ حَمْزَةَ وَحْدَهُ الْوَقْفَ فِيهِ بِالْهَاءِ، وَكَذَا حَكَى غَيْرُهُ. وَقَدْ وَرَدَ الْخِلَافُ عَنْهُ وَالصَّوَابُ التَّاءُ قَالَ الدَّانِيُّ فِي الْجَامِعِ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عَنْهُ وَقَوْلُ ابْنِ مُجَاهِدٍ فِي سَبْعَتِهِ حَمْزَةُ وَحْدَهُ يَقِفُ عَلَى {مَرْضَاةِ} بِالتَّاءِ، وَالْبَاقُونَ بِالْهَاءِ. وَقَالَ الدَّانِيُّ: يَعْنِي ابْنَ مُجَاهِدٍ إِنَّ النَّصَّ لَمْ يَرِدْ عَنْهُمْ بِالْوَقْفِ عَلَى ذَلِكَ بِالتَّاءِ إِلَّا عَنْ حَمْزَةَ، وَمَنْ سِوَاهُ غَيْرُ الْكِسَائِيِّ. فَالنَّصُّ فِيهِ مَعْدُومٌ عَنْهُ إِذَا كَانَ نَافِعٌ، وَغَيْرُهُ مِمَّنْ لَا نَصَّ فِيهِ عَنْهُ يَقِفُ عَلَى ذَلِكَ بِالتَّاءِ عَلَى حَالِ رَسْمِهِ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْكَافِي، وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ الْوَقْفَ عَلَى {ذَاتَ بَهْجَةٍ}، وَ{ذَاتِ الصُّدُورِ} وَشِبْهِهِ عَنِ الْكِسَائِيِّ بِالْهَاءِ. وَالْمُرَادُ بِشِبَهِهِ {ذَاتَ بَيْنِكُمْ}، وَ{ذَاتِ الشَّوْكَةِ}، وَ{ذَاتَ الْيَمِينِ}، وَ{ذَاتَ الشِّمَالِ}، وَ{ذَاتِ حَمْلٍ}، وَ{ذَاتِ قَرَارٍ}، وَ{ذَاتِ الْحُبُكِ}، وَ{ذَاتِ أَلْوَاحٍ}، وَ{ذَاتُ الْأَكْمَامِ}، وَ{ذَاتِ الْبُرُوجِ}، وَ{ذَاتِ الْوَقُودِ}، وَ{ذَاتِ الرَّجْعِ}، وَ{ذَاتِ الصَّدْعِ}، وَ{ذَاتِ الْعِمَادِ}، وَ{ذَاتَ لَهَبٍ} وَوَقَعَ ذَاتُ الصُّدُورِ فِي مَوْضِعَيْ آلِ عِمْرَانَ، وَفِي الْمَائِدَةِ وَالْأَنْفَالِ، وَهُودٍ وَلُقْمَانَ وَفَاطِرٍ وَالزُّمَرِ وَالشُّورَى وَالْحَدِيدِ وَالتَّغَابُنِ وَالْمُلْكِ. وَهُوَ ضَعِيفٌ لِمُخَالَفَتِهِ الرَّسْمَ، وَلِأَنَّ عَمَلَ أَهْلِ الْأَدَاءِ عَلَى غَيْرِهِ وَزَعَمَ ابْنُ جُبَارَةَ أَنَّ ابْنَ كَثِيرٍ وَأَبَا عَمْرٍو وَالْكِسَائِيَّ وَيَعْقُوبَ، يَقِفُونَ عَلَى {ذَاتِ الشَّوْكَةِ}، وَ{ذَاتَ لَهَبٍ}، وَ{بِذَاتِ الصُّدُورِ} بِالْهَاءِ فَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخَوَاتِهِ، وَنَصَّ عَمَّنْ لَا نَصَّ عَنْهُ، وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَاسَهُ عَلَى مَا كُتِبَ بِالتَّاءِ مِنَ الْمُؤَنَّثِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، بَلِ الصَّوَابُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ بِالتَّاءِ لِلْجَمِيعِ اتِّبَاعًا لِلرَّسْمِ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْقِسْمُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ مِنَ الْإِبْدَالِ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا الْمَنْصُوبُ لِمُنَوَّنٍ غَيْرُ الْمُؤَنَّثِ يُبْدَلُ فِي الْوَقْفِ أَلِفًا مُطْلَقًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ نَحْوَ: {أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا}، {وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا}، {وَكَانَ حَقًّا}، وَ{لِلنَّاسِ إِمَامًا}. وَالثَّانِي الِاسْمُ الْمُفْرَدُ الْمُؤَنَّثُ مَا لَمْ يُرْسُمْ بِالتَّاءِ تُبْدَلُ تَاؤُهُ وَصْلًا هَاءً وَقْفًا سَوَاءٌ كَانَ مُنَوَّنًا، أَوْ غَيْرَ مُنَوَّنٍ نَحْوَ: {وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ}، {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ}، {وَمِنَ الْجِنَّةِ}، {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ}، {وَمَثَلًا مَا بَعُوضَةً}، وَ{كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ} وَشَذَّ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ فَرَوَوْا عَنِ الْكِسَائِيِّ وَحْدَهُ الْوَقْفَ عَلَى مَنَاةَ بِالْهَاءِ، وَعَنِ الْبَاقِينَ بِالتَّاءِ. ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ سَوَّارٍ وَأَبُو الْعِزِّ وَسِبْطُ الْخَيَّاطِ، وَهُوَ غَلَطٌ وَأَحْسَبُ أَنَّ الْوَهْمَ حَصَلَ لَهُمْ مِنْ نَصِّ نُصَيْرٍ عَلَى كِتَابَتِهِ بِالْهَاءِ. وَنُصَيْرٌ مِنْ أَصْحَابِ الْكِسَائِيِّ فَحَمَلُوا الرَّسْمَ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَأَخَذُوا بِالضِّدِّ لِلْبَاقِينَ. وَلَمْ يُرِدْ نُصَيْرٌ إِلَّا حِكَايَةَ رَسْمِهَا كَمَا حَكَى رَسْمَ غَيْرِهَا فِي كِتَابِهِ مِمَّا لَا خِلَافَ فِي رَسْمِهِ، وَلَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْقِرَاءَةِ وَالْعَجَبُ مِنْ قَوْلِ الْأَهْوَازِيِّ: وَأَجْمَعَتِ الْمَصَاحِفُ عَلَى كِتَابَتِهَا مَنَوةَ بِوَاوٍ وَالْوَقْفُ عَلَيْهِ عَنِ الْجَمَاعَةِ بِالتَّاءِ. فَالصَّوَابُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ عَنْ كُلِّ الْقُرَّاءِ بِالْهَاءِ عَلَى وَفْقِ الرَّسْمِ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا الْإِثْبَاتُ مِنْ أَقْسَامِ الْوَقْفِ عَلَى الْمَرْسُومِ فَهُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ أَحَدُهُمَا إِثْبَاتُ مَا حُذِفَ رَسْمًا، وَالثَّانِي إِثْبَاتُ مَا حُذِفَ لَفْظًا. فَالَّذِي ثَبَتَ مِنَ الْمَحْذُوفِ رَسْمًا يَنْحَصِرُ فِي نَوْعَيْنِ الْأَوَّلُ، وَهُوَ مِنَ الْإِلْحَاقِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ هَاءُ السَّكْتِ، الثَّانِي أَحَدُ حُرُوفِ الْعِلَّةِ الْوَاقِعَةِ قَبْلَ سَاكِنٍ فَحُذِفَتْ لِذَلِكَ. أَمَّا هَاءُ السَّكْتِ فَتَجِيءُ فِي خَمْسَةِ أُصُولٍ مُطَّرِدَةٍ، وَكَلِمَاتٍ مَخْصُوصَةٍ. الْأَصْلُ الْأَوَّلُ مَا الِاسْتِفْهَامِيَّةُ الْمَجْرُورَةُ بِحَرْفِ الْجَرِّ. وَوَقَعَتْ فِي خَمْسِ كَلِمَاتٍ {عَمَّ}، {وَفِيمَ}، {وَبِمَ}، وَ{لَمْ}، وَ{مِمَّ} فَاخْتَلَفُوا فِي الْوَقْفِ عَلَيْهَا بِالْهَاءِ عَنْ يَعْقُوبَ وَالْبَزِّيِّ. فَأَمَّا يَعْقُوبُ فَقَطَعَ لَهُ فِي الْوَقْفِ بِالْهَاءِ أَبُو مُحَمَّدٍ سِبْطُ الْخَيَّاطِ وَأَبُو الْفَضْلِ الرَّازِيُّ وَالشَّرِيفُ عَنِ الشَّرَفِ الْعَبَّاسِيِّ. وَقَطَعَ لَهُ الْجُمْهُورُ كَأَبِي الْعِزِّ وَابْنِ غَلْبُونَ وَالْحَافِظِ أَبِي الْعَلَاءِ وَابْنِ سَوَّارٍ وَالدَّانِيِّ بِالْهَاءِ فِي الْحَرْفِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ {عَمَّ}، وَقَطَعَ لَهُ الْأَكْثَرُونَ بِذَلِكَ فِي الْحَرْفِ الثَّانِي، وَهُوَ: فِيمَ نَحْوَ: {فِيمَ كُنْتُمْ}، وَ{فِيمَ أَنْتَ}، وَهُوَ الَّذِي فِي الْإِرْشَادِ وَالْمُسْتَنِيرِ. وَزَادَ أَيْضًا الْحَرْفُ الثَّالِثُ، وَهُوَ: بِمَ نَحْوَ {فَبِمَ تُبَشِّرُونِ}، وَقَطَعَ لَهُ الدَّانِيُّ بِالْهَاءِ فِي الْحَرْفِ الْأَخِيرِ، وَهُوَ {مِمَّ}، وَقَطَعَ مَنْ قِرَاءَتُهُ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ فِي لِمَ وَبِمَ، وَفِيمَ، وَقَطَعَ آخَرُونَ بِذَلِكَ لِرُوَيْسٍ خَاصَّةً فِي الْأَحْرُفِ الْخَمْسَةِ كَأَبِي بَكْرِ بْنِ مِهْرَانَ، وَقَطَعَ أَبُو الْعِزِّ بِذَلِكَ لِرُوَيْسٍ فِي الْأَحْرُفِ الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ وَجَعَلَ الْحَرْفَيْنِ الْأَوَّلِينَ لِيَعْقُوبَ بِكَمَالِهِ كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا، وَلَمْ يَذْكُرْهُ عَنْهُ فِي الْكَامِلِ، وَلَا فِي الْجَامِعِ، وَلَا فِي كَثِيرٍ مِنَ الْكُتُبِ. قُلْتُ: وَبِالْوَجْهَيْنِ آخُذُ لِيَعْقُوبَ فِي الْأَحْرُفِ الْخَمْسَةِ لِثُبُوتِهَا عِنْدِي عَنْهُ مِنْ رِوَايَتَيْهِ. وَأَمَّا الْبَزِّيُّ فَقَطَعَ لَهُ بِالْهَاءِ فِي الْأَحْرُفِ الْخَمْسَةِ صَاحِبُ التَّيْسِيرِ، وَالتَّبْصِرَةِ، وَالتَّذْكِرَةِ، وَالْكَافِي، وَتَلْخِيصِ الْعِبَارَاتِ، وَغَيْرِهَا. وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَكْثَرُ الْمُؤَلِّفِينَ، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْعِرَاقِيُّونَ. وَانْفَرَدَ فِي الْهِدَايَةِ بِالْهَاءِ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ بِكَمَالِهِ فِي عَمَّ وَلِمَ فَقَطْ. وَأَطْلَقَ لِلْبَزِّيِّ الْخِلَافَ فِي الْخَمْسَةِ أَبُو الْقَاسِمِ الشَّاطِبِيُّ وَالدَّانِيُّ فِي غَيْرِ التَّيْسِيرِ وَبِالْهَاءِ قَرَأَ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ بْنِ غَلْبُونَ وَبِغَيْرِ هَاءٍ قَرَأَ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ فَارِسِ بْنِ أَحْمَدَ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جَعْفَرٍ الْفَارِسِيِّ، وَهُوَ مِنَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي خَرَجَ صَاحِبُ التَّيْسِيرِ، فِيهَا عَنْ طُرُقِهِ فَإِنَّهُ أَسْنَدَ رِوَايَةَ الْبَزِّيِّ عَنِ الْفَارِسِيِّ هَذَا، وَقَطَعَ فِيهِ بِالْهَاءِ عَنِ الْبَزِّيِّ، وَلَمْ يَقْرَأْ بِالْهَاءِ إِلَّا عَلَى ابْنِ غَلْبُونَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ وَهَاءُ السَّكْتِ مُخْتَارَةٌ فِي هَذَا الْأَصْلِ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْعَرَبِيَّةِ عِوَضًا عَنِ الْأَلِفِ الْمَحْذُوفَةِ. الْأَصْلُ الثَّانِي هُوَ، وَهِيَ حَيْثُ وَقَعَا وَكَيْفَ جَاءَا نَحْوَ {وَهُوَ} وَ{لَهُوَ} وَأَنْ {يُمِلَّ هُوَ}، {فَإِنَّهُ هُوَ}؟، وَ{لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} وَنَحْوَ {مَا هِيَ}، وَ{لَهِيَ}، {وَهِيَ} فَوَقَفَ عَلَى ذَلِكَ بِالْهَاءِ يَعْقُوبُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ عَنْهُ. الْأَصْلُ الثَّالِثُ النُّونُ الْمُشَدَّدَةُ مِنْ جَمْعِ الْإِنَاثِ سَوَاءٌ اتَّصَلَ بِهِ شَيْءٌ. أَوْ لَمْ يَتَّصِلْ نَحْوَ {هُنَّ أَطْهَرُ}، {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ}، وَ{أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}، {وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ}، وَ{بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ} فَاخْتُلِفَ عَنْ يَعْقُوبَ فِي الْوَقْفِ عَلَى ذَلِكَ بِالْهَاءِ فَقَطَعَ فِي التَّذْكِرَةِ بِإِثْبَاتِ الْهَاءِ عَنْ يَعْقُوبَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَكَذَلِكَ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ، وَذَكَرَهُ أَبُو طَاهِرِ بْنُ سَوَّارٍ، وَقَطَعَ بِهِ أَبُو الْعِزِّ الْقَلَانِسِيُّ لِرُوَيْسٍ مِنْ طَرِيقِ الْقَاضِي وَأَطْلَقَهُ فِي الْكَنْزِ عَنْ رُوَيْسٍ، وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ مِهْرَانَ لِرَوْحٍ. وَالْوَجْهَانِ ثَابِتَانِ عَنْ يَعْقُوبَ بِهِمَا قَرَأْتُ، وَبِهِمَا آخُذُ، وَقَدْ أَطْلَقَهُ بَعْضُهُمْ وَأَحْسَبُ أَنَّ الصَّوَابَ تَقْيِيدُهُ بِمَا كَانَ بَعْدَ هَاءٍ كَمَا مَثَّلُوا بِهِ، وَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا مَثَّلَ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنْ نَصَّ عَلَى غَيْرِهِ أَحَدٌ يُوثَقُ بِهِ رَجَعْنَا إِلَيْهِ وَإِلَّا فَالْأَمْرُ كَمَا ظَهَرَ لَنَا. الْأَصْلُ الرَّابِعُ الْمُشَدَّدُ الْمَبْنِيُّ نَحْوَ {أَنْ لَا تَعْلُوَا عَلَيَّ}، وَ{إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ}، وَ{خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}، {وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ}، {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ} اخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ يَعْقُوبَ أَيْضًا فَنَصَّ عَلَى الْوَقْفِ عَلَيْهِ بِالْهَاءِ لِيَعْقُوبَ بِكَمَالِهِ أَبُو الْحَسَنِ طَاهِرُ بْنُ غَلْبُونَ وَالْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ وَالْأُسْتَاذُ أَبُو طَاهِرِ بْنُ سَوَّارٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ مِهْرَانَ عَنْ رَوْحٍ وَحْدَهُ. وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى حَذْفِ الْهَاءِ وَقْفًا، وَكِلَاهُمَا ثَابِتٌ عَنْ يَعْقُوبَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ مُقَيَّدٌ بِمَا كَانَ بِالْيَاءِ كَمَا مَثَّلْنَا بِهِ وَمَثَّلَ بِهِ الْمُثْبِتُونَ فَإِنْ ثَبَتَ غَيْرُ ذَلِكَ أَصِيرُ إِلَيْهِ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَانْفَرَدَ الدَّانِيُّ بِالْهَاءِ فِي لَكِنْ وَإِنَّ يَعْنِي الْمَفْتُوحَةَ وَالْمَكْسُورَةَ وَقِيَاسُ ذَلِكَ كَأَنَّ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ. الْأَصْلُ الْخَامِسُ النُّونُ الْمَفْتُوحَةُ نَحْوَ {الْعَالَمِينَ}، {وَالَّذِينَ}، وَ{الْمُفْلِحُونَ}، وَ{بِمُؤْمِنِينَ}، فَرَوَى بَعْضُهُمْ عَنْ يَعْقُوبَ الْوَقْفَ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ بِالْهَاءِ، وَحَكَاهُ أَبُو طَاهِرِ بْنُ سَوَّارٍ، وَغَيْرُهُ، وَرَوَاهُ ابْنُ مِهْرَانَ عَنْ رُوَيْسٍ، وَهُوَ لُغَةٌ فَاشِيَةٌ مُطَّرِدَةٌ عِنْدَ الْعَرَبِ، وَمُقْتَضَى تَمْثِيلِ ابْنِ سَوَّارٍ إِطْلَاقُهُ فِي الْأَسْمَاءِ وَالْأَفْعَالِ فَإِنَّهُ مَثَّلَ بُقُولِهِ {يُنْفِقُونَ}، وَرَوَى ابْنُ مِهْرَانَ عَنْ هِبَةِ اللَّهِ عَنِ التَّمَّارِ تَقْيِيدَهُ بِمَا لَمْ يَلْتَبِسْ بِهَاءِ الْكِنَايَةِ وَمَثَّلَهُ بِقَوْلِهِ: {وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}، {وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ}. قَالَ: وَمَذْهَبُ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ يَعْنِي شَيْخَهُ ابْنَ مِقْسَمٍ أَنَّ هَاءَ السَّكْتِ لَا تَثْبُتُ فِي الْأَفْعَالِ. قُلْتُ: وَالصَّوَابُ تَقْيِيدُهُ عِنْدَ مَنْ أَجَازَهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ عُلَمَاءُ الْعَرَبِيَّةِ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى عَدَمِ إِثْبَاتِ الْهَاءِ عَنْ يَعْقُوبَ فِي هَذَا الْفَصْلِ، وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا الْكَلِمَاتُ الْمَخْصُوصَةُ فَهِيَ أَرْبَعٌ وَ{وَيْلَتَى}، وَ{أَسَفَى}، وَ{يَا حَسْرَتَى}، وَثُمَّ الظَّرْفُ فَاخْتُلِفَ فِيهَا عَنْ رُوَيْسٍ فَقَطَعَ ابْنُ مِهْرَانَ لَهُ بِالْهَاءِ، وَكَذَلِكَ صَاحِبُ الْكَنْزِ، وَرَوَاهُ أَبُو الْعِزِّ الْقَلَانِسِيُّ عَنِ الْقَاضِي أَبِي الْعَلَاءِ عَنْهُ. وَنَصَّ الدَّانِيُّ عَلَى ثُمَّ لِيَعْقُوبَ بِكَمَالِهِ، وَرَوَاهُ الْآخَرُونَ عَنْهُ بِغَيْرِ هَاءٍ كَالْبَاقِينَ، وَالْوَجْهَانِ صَحِيحَانِ عَنْ رُوَيْسٍ قَرَأْتُ بِهِمَا، وَبِهِمَا آخُذُ، وَانْفَرَدَ الدَّانِيُّ عَنْ يَعْقُوبَ بِالْهَاءِ فِي {هَلُمَّ}، وَانْفَرَدَ ابْنُ مِهْرَانَ بِالْهَاءِ فِي {إِيَّايَ} وَقِيَاسُهُ {مَثْوَايَ}، {وَمَحْيَايَ}، وَكَذَلِكَ فِي أَبِي وَقِيَاسُهُ أَخِي، وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ إِلَّا مَعَ فَتْحِ الْيَاءِ، وَلَيْسَتْ قِرَاءَةُ يَعْقُوبَ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْمَذْكُورِ تَسْتَفْتِيَانِ بِالْهَاءِ مِنَ الْأَفْعَالِ خَاصَّةً فَخَالَفَ فِي ذَلِكَ سَائِرَ الرُّوَاةِ مَعَ ضَعْفِهِ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَهَاءُ السَّكْتِ فِي هَذَا كُلِّهِ وَمَا أَشْبَهَهُ جَائِزَةٌ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْعَرَبِيَّةِ سَمَاعًا وَقِيَاسًا- وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا النَّوْعُ الثَّانِي مِنْ أَقْسَامِ الْوَقْفِ عَلَى الْمَرْسُومِ، وَهُوَ أَحَدُ أَحْرُفِ الْعِلَّةِ الثَّلَاثَةِ: الْيَاءُ، وَالْوَاوُ، وَالْأَلِفُ فَأَمَّا الْيَاءُ فَمِنْهُ مَا حُذِفَ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ وَمَا هُوَ لِغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الزَّوَائِدِ فَالْمَحْذُوفَةُ رَسْمًا لِلسَّاكِنِ عَلَى قِسْمَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا حُذِفَ لِأَجْلِ التَّنْوِينِ، وَالثَّانِي مَا حُذِفَ لِغَيْرِهِ: فَالَّذِي حُذِفَ لِلتَّنْوِينِ ثَلَاثُونَ حَرْفًا فِي سَبْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ مَوْضِعًا {بَاغٍ}، {وَلَا عَادٍ}، وَكِلَاهُمَا فِي الْبَقَرَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالنَّحْلِ وَ{مِنْ مُوصٍ} فِي الْبَقَرَةِ وَ{عَنْ تَرَاضٍ} فِي الْبَقَرَةِ وَالنِّسَاءِ {وَلَا حَامٍ} فِي الْمَائِدَةِ {وَلَاتَ} فِي مَوْضِعَيْنِ فِي الْأَنْعَامِ وَالْعَنْكَبُوتِ {وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ}، {وَلَهُمْ أَيْدٍ} كِلَاهُمَا فِي الْأَعْرَافِ وَ{لَعَالٍ} فِي يُونُسَ وَ{أَنَّهُ نَاجٍ} فِي يُوسُفَ {وَهَادٍ} فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ اثْنَانِ فِي الرَّعْدِ، وَكَذَلِكَ فِي الزُّمَرِ، وَآخَرُ فِي الْمُؤْمِنِ وَ{وَاقٍ} فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ اثْنَانِ فِي الرَّعْدِ. وَآخَرُ فِي الْمُؤْمِنِ وَ{مُسْتَخْفٍ} فِي الرَّعْدِ وَ{مِنْ وَالٍ} فِيهَا وَ{وَادٍ} فِي مَوْضِعَيْنِ {بِوَادٍ} فِي إِبْرَاهِيمَ وَ{وَادٍ} فِي الشُّعَرَاءِ {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} فِي النَّحْلِ وَ{أَنْتَ مُفْتَرٍ} فِيهَا وَ{لَيَالٍ} فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ: مَرْيَمَ وَالْحَاقَّةِ وَالْفَجْرِ وَ{أَنْتَ قَاضٍ} فِي طه وَ{إِلَّا زَانٍ} فِي النُّورِ وَهُوَ جَازٍ فِي لُقْمَانَ وَبِكَافٍ فِي الزُّمَرِ وَمُعْتَدٍ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ: ق وَنُونٍ وَالْمُطَفِّفِينَ وَ{عَلَيْهَا فَانٍ} فِي الرَّحْمَنِ {وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} فِيهَا وَ{دَانٍ} فِيهَا أَيْضًا {وَمُهْتَدٍ} فِي الْحَدِيدِ وَ{مُلَاقٍ} فِي الْحَاقَّةِ وَ{مَنْ رَاقٍ} فِي الْقِيَامَةِ، وَتَتِمَّةُ الثَّلَاثِينَ {هَارٍ} فِي التَّوْبَةِ؛ عَلَى أَنَّهُ مَقْلُوبٌ كَمَا قَدَّمْنَا فِي الْإِمَالَةِ فَأَثْبَتَ ابْنُ كَثِيرٍ الْيَاءَ فِي أَرْبَعَةِ أَحْرُفٍ فِي عَشَرَةِ مَوَاضِعَ، وَهِيَ هَادٍ فِي الْخَمْسَةِ وَ{وَاقٍ} فِي الثَّلَاثَةِ وَ{وَالٍ}، وَ{بَاقٍ} هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عَنْهُ. وَانْفَرَدَ فَارِسُ بْنُ أَحْمَدَ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى السَّامَرِّيِّ عَنِ ابْنِ مُجَاهِدٍ عَنْ قُنْبُلٍ بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ فِي مَوْضِعَيْنِ آخَرَيْنِ، وَهُمَا فَانٍ فِي الرَّحْمَنِ وَ{رَاقٍ} فِي الْقِيَامَةِ. فِيمَا ذَكَرَهُ الدَّانِيُّ فِي جَامِعِ الْبَيَانِ. وَقَدْ خَالَفَ فِيهِمَا سَائِرَ النَّاسِ. وَكَأَنَّ الدَّانِيَّ لَمْ يَرْتَضِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يُعَوِّلْ عَلَيْهِ فِي التَّيْسِيرِ، وَلَا فِي غَيْرِهِ مَعَ أَنَّهُ أَسْنَدَ رِوَايَةَ قُنْبُلٍ فِي هَذِهِ الْمُؤَلَّفَاتِ مِنْ هَذِهِ الطُّرُقِ. وَانْفَرَدَ الْهُذَلِيُّ فِي الْكَامِلِ عَنِ ابْنِ شَنْبُوذَ عَنْ قُنْبُلٍ بِالْوَقْفِ بِالْيَاءِ عَلَى سَائِرِ الْبَابِ. وَكَذَا حَكَاهُ ابْنُ مُجَاهِدٍ عَنْ قُنْبُلٍ فِي جَامِعِهِ، وَانْفَرَدَ ابْنُ مِهْرَانَ عَنْ يَعْقُوبَ بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ فِي الْجَمِيعِ وَقْفًا، وَلَا أَعْلَمُهُ رَوَاهُ غَيْرُهُ، وَانْفَرَدَ الْهُذَلِيُّ أَيْضًا عَنِ ابْنِ شَنَبُوذَ عَنِ النَّحَّاسِ عَنْ أَبِي عَدِيٍّ عَنِ ابْنِ سَيْفٍ كِلَاهُمَا عَنِ الْأَزْرَقِ عَنْ وَرْشٍ، بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ فِي {قَاضٍ} وَفِي {بَاغٍ} مُخَيَّرٌ فَخَالَفَ سَائِرَ الرُّوَاةِ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَالَّذِي حُذِفَ لِغَيْرِ تَنْوِينٍ أَحَدَ عَشَرَ حَرْفًا فِي سَبْعَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا، وَهِيَ {يُؤْتِ} فِي مَوْضِعَيْنِ {يُؤْتِ الْحِكْمَةَ} فِي الْبَقَرَةِ فِي قِرَاءَةِ يَعْقُوبَ {وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ} فِي النِّسَاءِ {وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ} فِي الْمَائِدَةِ وَ{يَقْضِ الْحَقَّ} فِي الْأَنْعَامِ. فِي قِرَاءَةِ أَبِي عَمْرٍو وَابْنِ عَامِرٍ وَحَمْزَةَ وَالْكِسَائِيِّ وَيَعْقُوبَ وَخَلَفٍ. وَ{نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ} فِي يُونُسَ، وَالْوَادِ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ {بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوَى} فِي طه وَالنَّازِعَاتِ، وَ{عَلَى وَادِ النَّمْلِ}، وَ{الْوَادِ الْأَيْمَنِ} فِي الْقَصَصِ {وَهَادِ} فِي مَوْضِعَيْنِ {لَهَادِ الَّذِينَ} فِي الْحَجِّ وَبِهَادِ الْعُمْيِ فِي الرُّومِ، وَ{يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ} فِي يس، وَ{صَالِ الْجَحِيمِ} فِي الصَّافَّاتِ، وَ{يُنَادِ الْمُنَادِ} فِي ق، وَ{تُغْنِ النُّذُرُ} فِي اقْتَرَبَ، وَالْجَوَارِ فِي مَوْضِعَيْنِ {الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ} فِي الرَّحْمَنِ {وَالْجَوَارِ الْكُنَّسِ} فِي كُوِّرَتْ. وَأَمَّا: {آتَانِ اللَّهُ} فِي النَّمْلِ، وَ{فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ} فِي الزُّمَرِ: فَسَيَأْتِيَانِ فِي بَابِ الزَّوَائِدِ مِنْ أَجْلِ فَتْحِ يَاءَيْهِمَا وَصْلًا، وَأَمَّا {يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا}، أَوَّلَ الزُّمَرِ. فَلَا خِلَافَ فِي حَذْفِهِمَا فِي الْحَالَيْنِ لِلرَّسْمِ وَالرِّوَايَةِ وَالْأَفْصَحُ فِي الْعَرَبِيَّةِ إِلَّا مَا ذَكَرَهُ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ عَنْ رُوَيْسٍ كَمَا سَيَأْتِي. فَوَقَفَ يَعْقُوبُ فِي الْمَوَاضِعِ السَّبْعَةَ عَشَرَ بِالْيَاءِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ نُصُوصِ أَئِمَّتِنَا فِي الْجَمِيعِ، وَهُوَ قِيَاسُ مَذْهَبِهِ وَأَصْلِهِ. وَقَدْ نَصَّ عَلَى الْجَمِيعِ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا أَبُو الْقَاسِمِ الْهُذَلِيُّ وَأَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ. وَنَصَّ عَلَى {يُؤْتِ الْحِكْمَةَ} صَاحِبُ الْمُبْهِجِ وَالْمُسْتَنِيرِ، وَالْإِرْشَادِ وَالْكِفَايَةِ وَالْكَنْزِ، وَأَبُو الْحَسَنِ بْنُ فَارِسٍ وَالْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ، وَغَيْرُهُمْ. وَنَصَّ عَلَى {يُؤْتِ اللَّهُ} هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورُونَ وَسِوَاهُمْ، وَنَصَّ عَلَى {وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ} فِي الْمُبْهِجِ وَالتَّذْكِرَةِ، وَالْجَامِعِ وَالْمُسْتَنِيرِ، وَغَايَةِ الِاخْتِصَارِ وَالْإِرْشَادِ وَالْكِفَايَةِ وَالْكَنْزِ، وَغَيْرِهَا. وَنَصَّ عَلَى {يَقْضِ الْحَقَّ} هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورُونَ، وَغَيْرُهُمْ إِلَّا أَنَّهُ جَعَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ قِيَاسًا مَعَ تَصْرِيحِهِ بِالنَّصِّ فِي الْإِرْشَادِ. وَنَصَّ عَلَى {نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ} سِبْطُ الْخَيَّاطِ وَابْنُ سَوَّارٍ وَأَبُو الْعِزِّ وَأَبُو الْحَسَنِ الْخَيَّاطُ وَأَبُو الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَنَصَّ عَلَى {بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ} فِي الْمَوْضِعَيْنِ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ غَلْبُونَ وَأَبُو مُحَمَّدٍ سِبْطُ الْخَيَّاطِ وَأَبُو طَاهِرِ بْنُ سَوَّارٍ، وَذَكَرَهُ الْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ قِيَاسًا. وَنَصَّ عَلَى {وَادِ النَّمْلِ} صَاحِبُ الْمُسْتَنِيرِ وَالْإِرْشَادِ وَالْكِفَايَةِ، وَالْمُبْهِجِ وَالتَّذْكِرَةِ، وَالْغَايَةِ، وَغَيْرُهُمْ. وَنَصَّ عَلَى {الْوَادِ الْأَيْمَنِ} أَبُو الْحَسَنِ بْنُ غَلْبُونَ، وَذَكَرَهُ فِي الْمُبْهِجِ وَالْمُسْتَنِيرِ، وَغَايَةِ الِاخْتِصَارِ قِيَاسًا. وَنَصَّ عَلَى {لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا} أَبُو طَاهِرِ بْنُ سَوَّارٍ وَالْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ وَأَبُو الْحَسَنِ بْنُ فَارِسٍ وَأَبُو الْعِزِّ الْقَلَانِسِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. وَنَصَّ عَلَى {بِهَادِ الْعُمْيِ} فِي الرُّومِ صَاحِبُ الْمُسْتَنِيرِ، وَصَاحِبُ غَايَةِ الِاخْتِصَارِ، وَصَاحِبُ التَّذْكِرَةِ، وَصَاحِبُ الْكَنْزِ، وَغَيْرُهُمْ. وَنَصَّ عَلَى {يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ} الْجُمْهُورُ كَابْنِ سَوَّارٍ وَأَبِي الْعِزِّ وَأَبِي الْعَلَاءِ وَالسِّبْطِ، وَغَيْرِهِمْ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ لَهُ فِي التَّذْكِرَةِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ فِي الزَّوَائِدِ مِنْ أَجْلِ أَبِي جَعْفَرٍ وَصْلًا. وَنَصَّ عَلَى {صَالِ الْجَحِيمِ} ابْنُ سَوَّارٍ وَسِبْطُ الْخَيَّاطِ وَأَبُو الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ بْنُ فَارِسٍ وَأَبُو الْعِزِّ الْقَلَانِسِيُّ، وَغَيْرُهُمْ، وَنَصَّ عَلَى {يُنَادِ الْمُنَادِ} هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورُونَ وَسِوَاهُمْ. وَنَصَّ عَلَى {تُغْنِ النُّذُرُ} صَاحِبُ الْمُسْتَنِيرِ، وَأَبُو الْحَسَنِ الْخَيَّاطُ صَاحِبُ الْجَامِعِ، وَذَكَرَهُ أَبُو الْعَلَاءِ الْحَافِظُ قِيَاسًا، وَنَصَّ عَلَى الْمَوْضِعَيْنِ فِي الْكِفَايَةِ وَالْإِرْشَادِ وَالْكَنْزِ، وَغَيْرِهَا. وَذَكَرَهُ فِي غَايَةِ الِاخْتِصَارِ قِيَاسًا، وَكُلُّ مَنْ لَمْ يَنُصَّ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا فَإِنَّهُ سَاكِتٌ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ سُكُوتِهِ ثُبُوتُ رِوَايَةٍ، وَلَا عَدَمُهَا وَالنَّصُّ يُقَدَّمُ عَلَى كُلِّ حَالٍ لَاسِيَّمَا، وَقَدْ عَضَّدَهَا الْقِيَاسُ وَصَحَّ بِهَا الْأَدَاءُ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إِلَيْهَا. وَوَافَقَهُ عَلَى {وَادِي النَّمْلِ} الْكِسَائِيُّ فِيمَا رَوَاهُ الْجُمْهُورُ عَنْهُ، وَهُوَ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الدَّانِيُّ وَطَاهِرُ بْنُ غَلْبُونَ وَأَبُو الْقَاسِمِ الْهُذَلِيُّ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ شُرَيْحٍ وَأَبُو الْعَبَّاسِ الْمَهْدَوِيُّ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ سُفْيَانَ وَأَبُو عَلِيِّ بْنُ بَلِّيمَةَ، وَغَيْرُهُمْ، وَبِهِ قَرَأَ صَاحِبُ التَّجْرِيدِ عَلَى الْفَارِسِيِّ، وَزَادَ ابْنُ غَلْبُونَ وَابْنُ شُرَيْحٍ وَابْنُ بَلِّيمَةَ عَنِ الْكِسَائِيِّ أَيْضًا {بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ} فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَذَكَرَ الثَّلَاثَةَ فِي التَّبْصِرَةِ عَنْهُ، وَقَالَ: وَالْمَشْهُورُ الْحَذْفُ، وَبِهِ قَرَأْتُ، وَزَادَ ابْنُ بَلِّيمَةَ وَابْنُ غَلْبُونَ {الْوَادِ الْأَيْمَنِ}، وَلَمْ يَذْكُرْ كَثِيرٌ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ فِي الْأَرْبَعَةِ سِوَى الْحَذْفِ. قُلْتُ: وَالْأَصَحُّ عَنْهُ هُوَ الْوَقْفُ بِالْيَاءِ عَلَى {وَادِ النَّمْلِ} دُونَ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَيْهِ بِالْحَذْفِ صَحَّ عَنْهُ أَيْضًا لِأَنَّ سَوْرَةَ بْنَ الْمُبَارَكِ رَوَى عَنْهُ نَصًّا أَنَّهُ قَالَ: الْوَقْفُ عَلَى وَادِ النَّمْلِ بِالْيَاءِ. قَالَ الْكِسَائِيُّ:، وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنَ الْعَرَبِ يَتَكَلَّمُ بِهَذَا الْمُضَافِ إِلَّا بِالْيَاءِ. قَالَ الدَّانِيُّ فِي جَامِعِهِ: وَهَذِهِ عِلَّةٌ صَحِيحَةٌ مَفْهُومَةٌ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي هَذَا الْوَضْعَ خَاصَّةً قَالَ: وَقَالَ: عَنْهُ يَعْنِي سَوْرَةَ بْنَ الْمُبَارَكِ {الْوَادِ الْمُقَدَّسِ} بِغَيْرِ يَاءٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُضَافٍ، وَوَافَقَهُ أَيْضًا عَلَى {بِهَادِ الْعُمْيِ} فِي الرُّومِ الْكِسَائِيُّ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ، فَقَطَعَ لَهُ بِالْيَاءِ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ غَلْبُونَ وَأَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ فِي التَّيْسِيرِ وَالْمُفْرَدَاتِ، وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْهَادِي، وَالشَّاطِبِيَّةِ، وَغَيْرُهُمْ، وَقَطَعَ لَهُ بِالْحَذْفِ أَبُو مُحَمَّدٍ مَكِّيٌّ وَابْنُ الْفَحَّامِ وَابْنُ شُرَيْحٍ عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَهُ، وَأَبُو طَاهِرِ ابْنُ سَوَّارٍ وَالْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ، وَغَيْرُهُمْ، وَذَكَرَ الْوَجْهَيْنِ أَبُو الْعِزِّ الْقَلَانِسِيُّ وَالدَّانِيُّ فِي جَامِعِهِ ثُمَّ رَوَى عَنْهُ نَصًّا أَنَّهُ يَقِفُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ يَاءٍ. ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ الَّذِي يَلِيقُ بِمَذْهَبِ الْكِسَائِيِّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي عَنْهُ. قُلْتُ: وَالْوَجْهَانِ صَحِيحَانِ نَصًّا وَأَدَاءً، وَعَلَى الْحَذْفِ جُمْهُورُ الْعِرَاقِيِّينَ. وَاخْتُلِفَ فِيهِ أَيْضًا عَنْ حَمْزَةَ مَعَ قِرَاءَتِهِ لَهُ تَهْدِ الْعُمْيَ فَبِالْيَاءِ قَطَعَ لَهُ أَبُو الْحَسَنِ فِي التَّذْكِرَةِ وَالدَّانِيُّ فِي جَمِيعِ كُتُبِهِ، وَابْنُ بَلِّيمَةَ وَالْحَافِظُ أَبُو الْعَلَاءِ، وَغَيْرُهُمْ، وَبِهِ قَرَأَ صَاحِبُ التَّجْرِيدِ عَلَى الْفَارِسِيِّ. وَقَطَعَ لَهُ بِالْحَذْفِ الْمَهْدَوِيُّ وَابْنُ سُفْيَانَ وَابْنُ سَوَّارٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ أَكْثَرُ الْعِرَاقِيِّينَ، وَأَمَّا الَّذِي فِي سُورَةِ النَّمْلِ فَلَا خِلَافَ فِي الْوَقْفِ عَلَيْهِ بِالْيَاءِ فِي الْقِرَاءَتَيْنِ مِنْ أَجْلِ رَسْمِهِ كَذَلِكَ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَوَافَقَهُ ابْنُ كَثِيرٍ عَلَى {يُنَادِ الْمُنَادِي} فَوَقَفَ بِالْيَاءِ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ، وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبُ التَّجْرِيدِ، وَالْمُبْهِجِ وَغَايَةِ الِاخْتِصَارِ وَالْمُسْتَنِيرِ، وَالْإِرْشَادِ وَالْكِفَايَةِ، وَابْنُ فَارِسٍ، وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ الَّذِي فِي التَّيْسِيرِ، وَرَوَى عَنْهُ آخَرُونَ الْحَذْفَ. وَهُوَ الَّذِي فِي التَّذْكِرَةِ وَالتَّبْصِرَةِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْهَادِي، وَالْكَافِي، وَتَلْخِيصِ الْعِبَارَاتِ، وَغَيْرِهَا. مِنْ كُتُبِ الْمَغَارِبَةِ. وَالْوَجْهَانِ جَمِيعًا فِي الشَّاطِبِيَّةِ، وَالْإِعْلَانِ، وَجَامِعِ الْبَيَانِ، وَغَيْرِهَا. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَبِهِ وَرَدَ النَّصُّ عَنْهُ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَانْفَرَدَ أَبُو الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ عَنْ رُوَيْسٍ بِإِثْبَاتِ {يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا}. أَوَّلَ الزُّمَرِ فِي الْوَقْفِ، وَخَالَفَ سَائِرَ الرُّوَاةِ، وَهُوَ قِيَاسُ {يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ}. وَانْفَرَدَ الْهُذَلِيُّ عَنِ ابْنِ عَدِيٍّ عَنِ ابْنِ سَيْفٍ عَنِ الْأَزْرَقِ بِالْيَاءِ فِي {لَصَالِ الْجَحِيمِ} مِثْلَ يَعْقُوبَ فَخَالَفَ سَائِرَ الرُّوَاةِ. وَأَمَّا مَا حُذِفَ مِنَ الْوَاوَاتِ رَسْمًا لِلسَّاكِنِ، وَهُوَ أَرْبَعَةُ مَوَاضِعَ {وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ} فِي سُبْحَانَ. {وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ} فِي الشُّورَى، وَ{يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ}. فِي الْقَمَرِ، وَ{سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} فِي الْعَلَقِ. فَإِنَّ الْوَقْفَ عَلَيْهَا لِلْجَمِيعِ عَلَى الرَّسْمِ. وَقَدْ قَالَ مَكِّيٌّ وَغَيْرُهُ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْتَمِدَ الْوَقْفُ عَلَيْهَا، وَلَا عَلَى مَا يُشَابِهُهَا لِأَنَّهُ إِنْ وَقَفَ بِالرَّسْمِ خَالَفَ الْأَصْلَ وَإِنْ وَقَفَ بِالْأَصْلِ خَالَفَ الرَّسْمَ انْتَهَى. وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَإِنَّ الْوَقْفَ عَلَى هَذِهِ وَأَشْبَاهِهَا لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الِاخْتِيَارِ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَوِ اضْطُرَّ إِلَى الْوَقْفِ عَلَيْهَا كَيْفَ يَكُونُ؟. وَكَأَنَّهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُونَ بِذَلِكَ مَا لَمْ تَصِحَّ فِيهِ رِوَايَةٌ وَإِلَّا فَكَمْ مِنْ مَوْضِعٍ خُولِفَ فِيهِ الرَّسْمُ وَخُولِفَ فِيهِ الْأَصْلُ. وَلَا حَرَجَ فِي ذَلِكَ إِذَا صَحَّتِ الرِّوَايَةُ. وَقَدْ نَصَّ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ عَنْ يَعْقُوبَ عَلَى الْوَقْفِ عَلَيْهَا بِالْوَاوِ عَلَى الْأَصْلِ. وَقَالَ: هَذِهِ قِرَاءَتِي عَلَى أَبِي الْفَتْحِ وَأَبِي الْحَسَنِ جَمِيعًا، وَبِذَلِكَ جَاءَ النَّصُّ عَنْهُ. قُلْتُ: وَهُوَ مِنِ انْفِرَادِهِ، وَقَدْ قَرَأْتُ بِهِ مِنْ طَرِيقِهِ. وَانْفَرَدَ ابْنُ فَارِسٍ فِي جَامِعِهِ بِذَلِكَ عَنِ ابْنِ شَنَبُوذَ عَنْ قُنْبُلٍ فَخَالَفَ سَائِرَ النَّاسِ ذَكَرَهُ فِي سُورَةِ الْقَمَرِ وَأَمَّا {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ}، فَقَدْ ذَكَرَ الْقُرَّاءُ أَنَّهُ حُذِفَ أَيْضًا رَسْمًا وَسَائِرُ النَّاسِ عَلَى خِلَافِهِ وَعَدُّوا ذَلِكَ، وَهْمًا مِنْهُ فَيُوقَفُ عَلَيْهِ بِالْوَاوِ لِلْجَمِيعِ. وَأَمَّا {وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} فَلَيْسَ حَذْفُ وَاوِهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ إِذْ هُوَ مُفْرَدٌ فَاتَّفَقَ اللَّفْظُ وَالرَّسْمُ وَالْأَصْلُ عَلَى حَذْفِهِ. وَحُكْمُ {هَاؤُمُ اقْرَءُوا} كَذَلِكَ كَمَا ذَكَرْنَا فِي آخِرِ بَابِ وَقَفِ حَمْزَةَ فَيُوقَفُ عَلَيْهِمَا بِالْحَذْفِ بِلَا نَظَرٍ كَمَا يُوقَفُ عَلَى {أَوْلَمَ يَرَ الَّذِينَ} بِحَذْفِ الْأَلِفِ، وَعَلَى {وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ}، {وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ} بِحَذْفِ الْيَاءِ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا مَا حُذِفَ مِنَ الْأَلِفَاتِ لِسَاكِنٍ فَهُوَ مِنَ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ أَيُّهَ وَقَعَتْ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ: {أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ} فِي النُّورِ وَ{يَا أَيُّهَ السَّاحِرُ} فِي الزُّخْرُفِ وَ{أَيُّهَ الثَّقَلَانِ} فِي الرَّحْمَنِ فَوَقَفَ عَلَيْهِ بِالْأَلِفِ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثِ عَلَى الْأَصْلِ خِلَافًا لِلرَّسْمِ أَبُو عَمْرٍو، وَالْكِسَائِيُّ وَيَعْقُوبُ، وَوَقَفَ عَلَيْهَا الْبَاقُونَ بِالْحَذْفِ اتِّبَاعًا لِلرَّسْمِ إِلَّا أَنَّ ابْنَ عَامِرٍ ضَمَّ الْهَاءَ عَلَى الِاتِّبَاعِ لِضَمِ الْيَاءِ قَبْلَهَا. وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي مِنَ الْإِثْبَاتِ، وَهُوَ مِنَ الْإِلْحَاقِ أَيْضًا، وَهُوَ إِثْبَاتُ مَا حُذِفَ لَفْظًا، وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. فَالْمُخْتَلَفُ فِيهِ سَبْعُ كَلِمَاتٍ، وَهِيَ {يَتَسَنَّهْ} فِي الْبَقَرَةِ {وَاقْتَدِهْ} فِي الْأَنْعَامِ {وَكِتَابِيَهْ} فِي الْمَوْضِعَيْنِ {وَحِسَابِيَهْ} كَذَلِكَ وَ{مَالِيَهْ}، {وَسُلْطَانِيَهْ} الْأَرْبَعَةُ فِي الْحَاقَّةِ، وَ{مَا هِيَهْ} فِي الْقَارِعَةِ أَمَّا {يَتَسَنَّهْ}، وَ{اقْتَدِهْ} فَحَذَفَ الْهَاءَ مِنْهُمَا لَفْظًا فِي الْوَصْلِ وَأَثْبَتَهُمَا فِي الْوَقْفِ لِلرَّسْمِ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَيَعْقُوبُ وَخَلَفٌ، وَأَثْبَتَهَا الْبَاقُونَ فِي الْحَالَيْنِ وَكَسَرَ الْهَاءَ مِنَ اقْتَدِهِ وَصْلًا ابْنُ عَامِرٍ. وَاخْتُلِفَ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ فِي إِشْبَاعِ كَسْرَتِهَا، فَرَوَى الْجُمْهُورُ عَنْهُ الْإِشْبَاعَ، وَهُوَ الَّذِي فِي التَّيْسِيرِ وَالْمُفْرَدَاتِ وَالْهَادِي، وَالْهِدَايَةِ، وَالتَّبْصِرَةِ، وَالتَّذْكِرَةِ، وَالتَّجْرِيدِ، وَالتَّلْخِيصَيْنِ، وَالْغَايَتَيْنِ، وَالْجَامِعِ، وَالْمُسْتَنِيرِ، وَالْكِفَايَةِ الْكُبْرَى، وَسَائِرِ الْكُتُبِ إِلَّا الْيَسِيرَ مِنْهَا. وَرَوَى بَعْضُهُمْ عَنْهُ الْكَسْرَ مِنْ غَيْرِ إِشْبَاعٍ كَرِوَايَةِ هِشَامٍ. وَهِيَ طَرِيقُ زَيْدٍ عَنِ الرَّمْلِيِّ عَنِ الصُّورِيِّ عَنْهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ أَبُو الْعِزِّ فِي الْإِرْشَادِ، وَمَنْ تَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْوَاسِطِيِّينَ كَابْنِ مُؤْمِنٍ وَالدِّيوَانِيِّ وَابْنِ زُرَيْقٍ الْحَدَّادِ، وَغَيْرِهِمْ، وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ الثَّعْلَبِيِّ عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ. وَكَذَا رَوَاهُ الدَّاجُونِيُّ عَنْ أَصْحَابِهِ عَنْهُ. وَقَدْ رَوَاهَا الشَّاطِبِيُّ عَنْهُ، وَلَا أَعْلَمُهَا وَرَدَتْ عَنْهُ مِنْ طَرِيقٍ، وَلَا شَكَّ فِي صِحَّتِهَا عَنْهُ لَكِنَّهَا عَزِيزَةٌ مِنْ طُرُقِ كِتَابِنَا- وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا {كِتَابِيَهْ} فِيهِمَا {وَحِسَابِيَهْ}. كِلَاهُمَا فَحَذَفَ الْهَاءَ مِنْهُمَا وَصْلًا وَأَثْبَتَهَا وَقْفًا يَعْقُوبُ. وَالْبَاقُونَ بِإِثْبَاتِهَا فِي الْحَالَيْنِ. وَأَمَّا مَالِيَهْ وَسُلْطَانِيَهْ الْأَرْبَعَةُ فِي الْحَاقَّةِ. وَمَاهِيَهْ فَحَذَفَ الْهَاءَ مِنَ الثَّلَاثَةِ فِي الْوَصْلِ حَمْزَةُ وَيَعْقُوبُ، وَأَثْبَتَهَا الْبَاقُونَ فِي الْحَالَيْنِ. وَبَقِيَ مِنَ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ سَبْعَةُ أَحْرُفٍ، وَهِيَ: لَكِنَّا هُوَ فِي الْكَهْفِ {وَالظُّنُونَا}، {وَالرَّسُولَا}، {وَالسَّبِيلَا} فِي الْأَحْزَابِ. وَ{سَلَاسِلًا}، وَ{قَوَارِيرَا قَوَارِيرَا} فِي الْإِنْسَانِ نَذْكُرُهَا فِي مَوَاضِعِهَا- إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَالْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ لَفْظًا أَنَا حَيْثُ وَقَعَ نَحْوَ {أَنَا لَكُمْ}، وَ{أَنَا نَذِيرٌ}، وَ{إِنِّي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا} أَجْمَعُوا عَلَى حَذْفِ أَلِفِهِ وَصْلًا وَإِثْبَاتِهَا وَقْفًا. هَذَا مَا لَمْ يَلْقَهُ هَمْزَةُ قَطْعٍ فَإِنْ لَقِيَهُ هَمْزَةُ قَطْعٍ فَاخْتَلَفُوا فِي حَذْفِهَا فِي الْوَصْلِ وَسَيَأْتِي فِي الْبَقَرَةِ- إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَمِنَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مَا حُذِفَ مِنَ الْيَاءَاتِ وَالْوَاوَاتِ وَالْأَلِفَاتِ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، وَهُوَ ثَابِتٌ رَسْمًا نَحْوَ: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ}، وَ{يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ}، وَ{أَوْفِي الْكَيْلَ}، وَ{بِهَادِي الْعُمْيِ} فِي النَّمْلِ، وَ{ادْخُلِي الصَّرْحَ}، وَ{حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}، وَ{آتِي الرَّحْمَنِ}، وَ{أُولِي الْأَيْدِي}، وَ{يَا أُولِي الْأَلْبَابِ}، وَ{يَا أُولِي الْأَبْصَارِ}، {وَمُحِلِّي الصَّيْدِ}، وَ{مُهْلِكِي الْقُرَى} وَنَحْوَ {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ}، وَ{قَالُوا الْآنَ}، وَ{أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ}، {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}، وَ{إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ}، وَ{جَابُوا الصَّخْرَ}، {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ}، {فَيَسُبُّوا اللَّهَ}، وَ{مُلَاقُو اللَّهِ}، وَ{أُولُو الْفَضْلِ}، وَ{صَالُو الْجَحِيمِ}، وَ{صَالُو النَّارِ}، وَ{مُرْسِلُو النَّاقَةِ} وَنَحْوَ: {وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ}، {وَاسْتَبَقَا الْبَابَ}، وَ{ادْخُلَا النَّارَ}، وَ{أَنَا اللَّهُ} فَالْوَقْفُ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ وَمَا أَشْبَهَهُ بِالْإِثْبَاتِ لِثُبُوتِهَا رَسْمًا وَحُكْمًا، وَهَذَا أَيْضًا مِمَّا لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا {ثَمُودَ} مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَلَا إِنَّ ثَمُودَ} فِي هُودٍ {وَعَادًا وَثَمُودَ} فِي الْفُرْقَانِ، وَفِي الْعَنْكَبُوتِ وَالنَّجْمِ فِي قِرَاءَةِ مَنْ لَمْ يُنَوِّنْهُ فَسَيَأْتِي بَيَانُ الْوَقْفِ عَلَيْهِ فِي سُورَةِ هُودٍ- إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَأَمَّا الْحَذْفُ فَهُوَ أَيْضًا عَلَى قِسْمَيْنِ مِنْ أَقْسَامِ الْوَقْفِ عَلَى الْمَرْسُومِ أَحَدُهُمَا حَذْفُ مَا ثَبَتَ رَسْمًا: وَالثَّانِي حَذْفُ مَا ثَبَتَ لَفْظًا. فَالْأَوَّلُ مِنَ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ: {وَكَأَيِّنْ} وَقَعَتْ فِي سَبْعَةِ مَوَاضِعَ: فِي آلِ عِمْرَانَ وَيُوسُفَ، وَفِي الْحَجِّ مَوْضِعَانِ، وَفِي الْعَنْكَبُوتِ وَالْقِتَالِ وَالطَّلَاقِ. فَحَذَفَ النُّونَ مِنْهَا وَوَقَفَ عَلَى الْيَاءِ أَبُو عَمْرٍو وَيَعْقُوبُ، وَوَقَفَ الْبَاقُونَ بِالنُّونِ، وَهُوَ تَنْوِينٌ ثَبَتَ رَسْمًا مِنْ أَجْلِ احْتِمَالِ قِرَاءَةِ ابْنِ كَثِيرٍ، وَأَبِي جَعْفَرٍ، كَمَا سَيَأْتِي- وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَمِنَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مَا كُتِبَ بِالْوَاوِ وَالْيَاءِ صُورَةً لِلْهَمْزَةِ الْمُتَطَرِّفَةِ، وَهُوَ {يَتَفَيَّأُ}، وَ{تَفْتَأُ}، وَ{أَتَوَكَّأُ}، وَ{يَعْبَأُ} وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ فِي بَابِ وَقَفِ حَمْزَةَ عَلَى الْهَمْزَةِ، وَكَذَلِكَ مِنْ: {نَبَأِ}، وَ{تِلْقَاءَ}، وَ{إِيتَاءِ} وَمَا مَعَهُ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ فَلَمْ يَخْتَلِفْ فِي الْوَقْفِ بِغَيْرِ مَا صُورَةُ الْهَمْزَةِ بِهِ إِلَّا مَا ذُكِرَ عَنْ حَمْزَةَ، وَقَدْ بَيَّنَاهُ. وَالْقِسْمُ الثَّانِي، وَهُوَ حَذْفُ مَا ثَبَتَ لَفْظًا لَمْ يَقَعْ مُخْتَلَفًا فِيهِ وَوَقَعَ مِنَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ أَصْلٌ مُطَّرِدٌ، وَهُوَ: الْوَاوُ وَالْيَاءُ الثَّابِتَتَانِ فِي هَاءِ الْكِنَايَةِ لَفْظًا مِمَّا حُذِفَ رَسْمًا، وَذَلِكَ فِيمَا وَقَعَ قَبْلَ الْهَاءِ فِيهِ مُتَحَرِّكٌ نَحْوَ: إِنَّهُ، وَبِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، أَوَّلَ بَابِ هَاءِ الْكِتَابَةِ وَيَلْتَحِقُ بِذَلِكَ مَا وُصِلَ بِالْوَاوِ وَالْيَاءِ مِمَّا اخْتُلِفَ فِيهِ فِي مَذْهَبِ ابْنِ كَثِيرٍ، وَغَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ صِلَةُ مِيمِ الْجَمْعِ كَمَا تَقَدَّمَ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
|